أندري غلوكسمان: اسباب العنف ليست اجتماعية
صحيح أن العنف والحقد تراجع في ضواحي باريس والمدن الفرنسية الأخرى في الأيام الأخيرة إلا أن أعمالالشغب التي قام بها شبان المهاجرين وذوي الدخل المحدود كانت بمثابة صدمة قوية للفرنسيين بشكل خاص وللعالم بشكل عام، فلم يكن أحد يتوقع حدوث مثل هذه الموجة من العنف والصدامات مع الشرطة في فرنسا.
ويرى الفيلسوف الفرنسي غلوكسمان أن أسباب أعمال العنف لا تكمن في المشاكل الاجتماعية فقط بل بطبيعة النفس البشرية ذاتها وأن الحقد مزروع فيها ويقول:
" إن التصور بأن الحقد ناتج عن أسباب إجتماعية هو تصور حديث تتناقله وسائل الإعلام وتدرس نظرياته في الجامعات، لكن هذا التصور خاطئ، لأن الحقد موجود منذ زمن وجود الإنسان على الأرض، كما أن مناهضة الحقد موجودة أيضاً منذ ذلك الحين."
واعتقد الأوروبيون أن العنف والحقد في طريقه إلى الزوال بعد انتهاء الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والغربي، لكنهم صعقوا بأحداث ضواحي باريس وبدأ التساؤل عن إمكانية نشوء مثل أعمال العنف هذه في عواصم أوروبية اخرى.
العنف لأجل العنف
لكن السؤال الذي يتبادر للأذهان يدور حول أسباب هذا العنف؟ هل يحدث بسبب فقدان الامل وضياع آفاق المستقبل؟ غلوكسمان يرى أن العنف عبارة عن آلية تتطور لتصبح عنفاً لأجل العنف إذا لم يواجه بتوعية وحملة تنوير، ويقول:"إنه نوع من الألم، ألم مطلق يسمح للنفس بان تكون ضحية، وتفقد الحياة معناها وتتضاءل فرص المستقبل أمام أعين الشباب الذين يقولون إنهم أهينوا وفقدوا كل شيء. هناك احصائيات تقول إن قرابة 40 بالمائة من شباب الضواحي عاطلون عن العمل، وهذا يعني أيضاً أن 60 بالمائة ليسوا من هؤلاء ويعيشون في "الغيتوهات" ذاتها، ويشير ذلك إلى وضع مؤلم ذي طابع مطلق، والشخص الذي ينتفض بشكل يحرق كل شيء ياتي في طريقه لا يخاف على شيء لا يملكه." ويتابع غلوكسمان الذي قتل معظم أفراد عائلته في معسكرات الإبادة النازية قائلاً:"نحرق كل شيء ولا نريد استخدام عقولنا بعد، بل نريد أن نشعر بالنشوة، ويصبح العنف نوعاً من المنافسة بين الشباب والفائز هو من يحرق أكبر عدد من السيارات وكل هذا ينقل في التلفزيون. إنه نوع من حب المنافسة في إلحاق أكبر قدر من الأضرار بالآخرين."
سبل مكافحة العنف
ويتضح لنا أن مكافحة العنف لا تتم إلا عن طريق العقل والتوعية ولكن الأمر لا يتعلق ببرامج تربوية جيدة بل بأمور كثيرة لخصها الفيلسوف الفرنسي أندري غلوكسمان في كتابه "الحقد، وعودة العنف الطبيعي" الذي يطالب فيه بعدم تجاهل قوة العنف الكامنة في الإنسان.
كيرستين كنيب / إعداد: سمير مطر