1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"تصريحات بابا الفاتيكان يجب أن تُفهم من خلال سياقها"

دويتشه فيله (ع.م)١٥ سبتمبر ٢٠٠٦

أثارت تصريحات بابا الفاتيكان حول الإسلام ردود فعل غاضبة في الدول الإسلامية مما ينذر بنشوب أزمة جديدة بين الغرب والعالم الإسلامي. المفكر المغربي سبيلا يدعو إلى تحليل هذه التصريحات وفهمها في سياقها. فماذا قال الحبر الأعظم؟

https://p.dw.com/p/97rJ
مظاهرات في الهند ضد تصريحات الباباصورة من: AP

عمت العالم الإسلامي موجة من السخط والاستياء بعد تصريحات بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر حول الإسلام. وطغت هذه الموجة على أصوات أجراس الكنائس والجوقات الموسيقية حتى قبل ان تغادر طائرة البابا مطار ميونيخ يوم أمس الخميس، 14 سبتمبر/أيلول 2006، عائدة به إلى روما في ختام زيارة لألمانيا استمرت ستة أيام. لكن الفاتيكان سرعان ما أكد على لسان متحدثه الرسمي الأب فيديريكو لومباردي احترام البابا للإسلام وحرصه على "رفض الدوافع الدينية للعنف". وأكثر ما أثار غضب المسلمين في خطاب البابا هو اقتباسه لحوار دار في القرن الرابع عشر بين إمبراطور بيزنطي و"مثقف فارسي" حول دور نبي الإسلام. الجدير بالذكر في هذا السياق أن تصريحات البابا جاءت في إطار دعوته للمسلمين إلى الدخول في حوار للحضارات.

ماذا قال الحبر الأعظم عن الإسلام؟

Papst Benedikt in Deutschland Freising
بابا الكنيسة الكاثوليكية في إطار زيارته لألمانياصورة من: AP

تطرق البابا في معرض حديثه إلى أنه قراء مؤخراً جزءاً من حوار دار بين الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني وأحد المثقفين الفرس حول الإسلام والمسيحية وحقيقة كل منهما، مشيراً إلى اعتقاده بأن أقوال الإمبراطور قد نقلت بشكل أكثر تفصيلاً من كلام محاوره الفارسي.

وقال البابا، في محاضرة له بجامعة ريجينسبورج الألمانية التي كان يدرس فيها علم اللاهوت: "كان الإمبراطور يعلم بالتأكيد ان هناك آية في القرآن تنص على أن لا إكراه في الدين، وهي احدى الآيات المبكرة التي، كما يروي لنا أهل العلم، أتت في وقت كان فيه محمد نفسه ضعيفاً ومُهددا. ولكن الإمبراطور كان على دراية أيضا بالنصوص الأخرى المتعلقة بالجهاد والتي ظهرت في مرحلة لاحقة. وبدون الخوض في تفاصيل التعامل المختلف بين أهل الكتاب والكفار، يتطرق الإمبراطور بشكل فظ ـ الأمر الذي فاجئنا وأثار دهشتنا ـ إلى العلاقة بين الدين والعنف في حواره مع الفارسي، إذ يقول له: "ارني ما الجديد الذي أتى به محمد، انك لن تجد سوى الأشياء السيئة واللاإنسانية، مثل فرضه نشر الإيمان، الذي يبشر به، بقوة السيف." بعد ان قال الإمبراطور مقولته، أخذ يقدم بالتدريج أسباب قوله هذا، متسائلا : لماذا يعد نشر الإيمان بالقوة مناف للعقل؟ فنشر الدين بالقوة يتعارض مع جوهر الرب وجوهر الروح. ويضيف الإمبراطور بالقول: " ان الرب لا يُسترضى بسفك الدماء. وان عدم الاحتكام الى المنطق يتنافى مع الذات الإلهية. ان الإيمان ثمرة الروح وليس ثمرة الجسد. ومن يريد ان يهدي احدهم الى الإيمان، يحتاج القدرة على الكلام الطيب والتفكير السليم، ولكن ليس الى القوة والتهديد (...) ولإقناع روح تحتكم الى العقل، لا يحتاج المرء لذراعه ولا لعدة القتال أو لأية وسيلة أخرى يمكن ان يهدد بها إنسانا ما (...)".

تجدر الإشارة هنا إلى أن بابا الفاتيكان حرص على أن يقول مرتين أنه أقتبس جزءاً من الحوار، وذلك لكي يوضح أن تلك الجملة المتعلقة بنشر الدين بالسيف ليست له.

"أقوال البابا جاءت في ظرف ساخن"

Papst trifft Muslime
لقاء سابق للبابا مع وفد من المسلمين في عام 2005صورة من: AP

وفي تعليقه على تصريحات البابا قال الدكتور محمد سبيلا، أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس في المغرب، في حوار مع إذاعة دويتشة فيله أنه: "قبل الحكم على تصريحات البابا يجب أولاً تحليلها وتمحيصها ومراعاة المفردات والمصطلحات، التي استعملها الحبر الأعظم وفهمها في السياقات المختلفة لها". وأشار سبيلا إلى أن ما وصل من تلك التصريحات حتى الآن لا يعدو ان يكون فقرات عن طريق وكالات الأنباء. ويفسر أستاذ الفلسفة المغربي، الذي كان له تجربة لقاء وحوار فكري مع بينديكت السادس عشر قبل ان يجلس على كرسي البابوية، ردة الفعل السريعة ضد تصريحات البابا بأنها ناجمة عن طبيعة الظرف الحالي بالنسبة للمسلمين والذي وصفه بانه "ساخن وغير مناسب"، مشيراً في هذا السياق إلى ان وقع قضية الرسوم الدانمركية مازال في النفوس، وكذلك قضية سلمان رشدي. ويضيف سبيلا: " نحن أمام سياق وأمام جو عالمي ساخن وأمام جيوستراتجية من الغرب لمحاربة الإرهاب يتداخل فيها مع مواجهة الإسلام".

وعما إذا كان البابا يؤمن بضرورة الحوار مع العالم الإسلامي أو أن لديه رؤية تصادمية، يصف سبيلا البابا الذي عرفه عن قرب بأنه "شخص مثقف" و "رجل عميق الثقافة" لكن، والكلام للمفكر المغربي: "هناك نزعة محافظة قوية في خطاب البابا". وبشكل غير مباشر ينتقد الفيلسوف المغربي بينديكت السادس عشر بالقول "إن كانت لديه نية ما ربما عبر عنها أحيانا في الحوار ولكن النية لا تكفي لأن المرء مطالب بمراجعة ركام الأحكام المسبقة السلبية المتراكمة." ويضيف سبيلا أن النص الديني عموماً في أي دين يتضمن شقين هما: "الحوار والسلم ولكن هناك أيضا شق الدعوة إلى الحرب وإلى استعمال العنف". وتاريخ الديانات هو حركة يتردد فيها بشكل دوري خطاب العنف والسلوك. والفرق هو ان النخب الدينية أو النخب المثقفة الدينية تغلب هذا الوجه أو ذاك. إما تغلب وجه السلم والتأويل السلمي أو الـتأويل الحربي والعنيف.

أما البروفسور اورسولا شبولرـ شتيجيمان، المتخصصة في علوم الإسلام والمدرسة في جامعة ماربورج الألمانية، فتقول أنه: "كان يتحتم على البابا ان يصرف النظر عن الاقتباس من حوار قديم"، مشيرة، في حوار مع موقعنا، إلى أن النبي محمد كان "شخصية كاريزمية" جديرة بالاحترام والتقدير. وتعتقد الخبيرة في الشئون الإسلامية أن تصريحات البابا قد تعرقل حوار الأديان معربة عن تخوفها من أن يتطور الوضع بين المسلمين والغرب إلى حد التأزم.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد