1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

البطالة والإحباط وراء لجوء الشباب الفقراء في بريطانيا إلى العنف؟

١٠ أغسطس ٢٠١١

أعمال الشغب التي اجتاحت لندن وغيرها من المدن البريطانية، دفعت العالم إلى التساؤل عن أسباب حدوث مثل هذه الأعمال في بلد أوربي كبريطانيا. ثمة من يربط ذلك بالبطالة المرتفعة في أوساط الشباب وشعورهم بالإحباط، فهل هذا يكفي؟

https://p.dw.com/p/12EQR
صورة من: dapd

مشاهد عنيفة شهدتها لندن ومانشستر وأماكن أخرى في بريطانيا خلال الأيام القليلة الماضية، فارضة نفسها على التقارير التلفزيونية والصفحات الأولى لأبرز الصحف في العالم. واضطرت الحكومة إلى نشر تعزيزات إضافية من قوات الشرطة، كما أدت إلى استدعاء أعضاء الحكومة والبرلمان، قاطعين عطلتهم الصيفية.

حجم وكثافة أعمال الشغب، وسرعة انتشارها إلى أجزاء أخرى من العاصمة وخارجها، صدم السياسيين والمواطنين في بريطانيا على حد سواء. لكن السلوك الإجرامي والمعادي للمجتمع بين الشباب في بريطانيا لا يعتبر شيئا جديدا. فقد شهد عام 2010 مقتل 19 شابا في عمليات عنف متصلة. وخلص تقرير الحكومة في ذلك العام إلى أن الهجمات وأعمال التخريب جرت على أيدي عصابات من الشبان، الذين يعتبرون "عالة على حياة الملايين".

ويرى غاري شيوان مساعد رئيس الشرطة بأن الاحتجاجات الحالية هي "تصرف صبياني، وعمل انتهازي من مراهقين". ويضيف بأن "هؤلاء الناس لديهم أي سبب يدعوهم للاحتجاج. فليس هناك ظلم ظاهر ليؤدي لاندلاع الاحتجاجات. وإنما هو سلوك إجرامي لم أر أسوأ منه في حياتي". هذا الكلام ربما لم يكف لإعطاء تفسيرات مقنعة لأسباب اندلاع هذه الأحداث. فقد أخذ الساسة والمعلقون يبحثون عن الأسباب الحقيقية وراء أعمال الشغب هذه وتفسير أحداث العنف المؤلمة للجمهور البريطاني وللعالم.

NO FLASH Krawalle London
الحكومة البريطانية أدخلت أعدادا إضافية من رجال الشرطة لضبط الوضعصورة من: dapd

سياسة التقشف الحكومية

وانطلقت شرارة الاحتجاجات الحالية من مدينة توتنهام، حيث بدأ الأمر باحتجاج سلمي في المدينة على خلفية مقتل الشاب الأسود مارك دوغان، البالغ من العمر 29 عاما. ويخضع حادث مقتل دوغان إلى تحقيق تجريه لجنة مستقلة. وسرعان ما انتقلت موجة الاحتجاجات إلى أجزاء أخرى من العاصمة، ومن ثم إلى مدن وبلدات أخرى في جميع أنحاء انكلترا.

البروفيسور بول بيغولي، المتخصص في مواضيع الاحتجاج والحركات الاجتماعية والدراسات العرقية والتمييز العنصري في جامعة ليدز يذكر في لقاء مع دويتشه فيله بأن هناك تدهورا عاما في مسألة احترام "شباب وسط المدينة" للقانون وتطبيقه. وبدأ هذا التدهور قبل فترة طويلة، سبقت الاضطرابات وأعمال العنف التي اندلعت الأسبوع الماضي.

ويضيف بيغولي قائلا: "هناك شعور بتصاعد التوتر في لندن هذا الصيف، وعندما ننظر مرة أخرى إلى التغييرات في أساليب الشرطة خلال السنوات الأخيرة، وزيادة استخدام إجراءات الإيقاف والتفتيش ضد الشباب السود في المملكة المتحدة، ولا سيما في لندن خلال السنوات الخمس الماضية، فإن هذا الوضع الذي نراه اليوم يصبح أقل إثارة للدهشة".

ويشير بيغولي إلى مسألة تخفيض أكثر من 15% من ميزانية جهاز الشرطة البريطانية، كجزء من سياسة التقشف التي تتبعها الحكومة، بسبب الديون الثقيلة التي تعاني منها الميزانية. وإلى تخفيض مماثل في البرامج الاجتماعية، وخاصة تلك الخاصة بالشباب، والتي كانت تستهدف الشباب الذين لديهم ميول إجرامية. وهؤلاء الشباب هم الذين ملؤوا شوارع بريطانيا بحالات النهب والسرقة خلال الأيام الأخيرة. ويرى بيغولي بأن على الساسة البريطانيين، أن يعيدوا التفكير، على المدى الطويل، في بعض جوانب إستراتيجية خفض الإنفاق هذه. وأن يسعوا إلى تشغيل الشباب وتخليصهم من البطالة. كما يجب عليهم أن يعدوا الكثير من الشباب ليتواصلوا مع أقرانهم كوسطاء بين الشباب والشرطة في حالات كهذه. أما على المدى القصير "فيجب على الشرطة أن تبذل جهودا أكبر في سبيل فرض النظام".

Großbritannien Ausschreitungen Liverpool
سياسة التقشف في الموارد المخصصة للشرطة البريطانية أدت إلى انتشار نسبي للجريمةصورة من: picture alliance/empics

البطالة ويأس الشباب

يواجه العديد من الشباب البريطاني مصاعب اقتصادية شبيهة بتلك التي واجهها نظراؤهم في مناطق أخرى من أوروبا خلال فترة الركود الاقتصادي خلال عامي 2008 و 2009. فقد ارتفع معدل البطالة البريطانية بشكل حاد في أوساط الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 24 عاما. وهذا الرقم آخذ في الازدياد باطراد منذ عام 1997. وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الشباب الملتحقين بالدراسة الجامعية، وفقا للبيانات الصادرة في (مايو/ أيار 2011) من مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة، إلا أن الكثير منهم يعانون من البطالة.

وصدر مؤخرا تحذير من مؤسسة الأمير تشارلز الخيرية حول مشكلة البطالة في أوساط الشباب، حيث قالت المديرة التنفيذية للمؤسسة مارتينا ملبورن: "إن الهوة بين الشباب الأغنياء والشباب الفقراء تزداد في أوساط المجتمع البريطاني، الأمر الذي أدى إلى خلق طبقة دنيا من الشباب، الذين يعيشون وضعا مأساويا ويشعرون بأنهم لا مستقبل لهم." وأضافت: "لا يمكن تجاهل هذا التفاوت". كما أظهر مسح ميداني قامت به مؤسسة تشارلز، شمل أكثر من 2300 من الشباب، أن الشبان الفقراء هم أكثر استعدادا من الأغنياء ليقضوا حياتهم إما في وظيفة بسيطة خالية من الترقيات أو يعيشوا على مساعدات برامج الرعاية الاجتماعية.

وربما كان مثيرو الشغب الحاليين هم ممن أسمتهم مؤسسة الأمير تشارلز "الطبقة الدنيا من الشباب". واختاروا عرض مشاعرهم حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بتفجير موجة من أعمال الشغب والسرقة والتخريب والاعتداء. ويرى السفير البريطاني لدى ألمانيا بيتر توري في حديث مع إذاعة ألمانية، بأن إستراتيجيتهم هذه لن تجلب لهم الكثير من التعاطف. ويعترف السفير بأن سياسة التقشف الصعبة التي اتخذتها الحكومة البريطانية مؤخرا أثرت على الأوضاع، ولكنه أوضح بأن سلوك المحتجين كان إجراميا وانتهازيا إلى حد كبير، وليس لهم أي عذر، فهذا العمل هو الإجرام بعينه، على حد تعبيره.

فلاح الياس/ مارك هلام

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد