1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لندن تحترق بنيران شبان الشرائح المهمشة

٩ أغسطس ٢٠١١

انتقلت شرارة أعمال الشغب التي تقوم بها الشبيبة المهًمشة في أحياء لندن الفقيرة إلى مناطق أخرى في العاصمة وخارجها. ويتوقع المراقبون أن تأخذ أعمال الشغب بعدا آخر بعد سقوط أول قتيل، بينما قطع رئيس الوزراء البريطاني إجازته.

https://p.dw.com/p/12Dgk
النيران تبتلع محالا تجارية في لندن بعد أن سرق شبان عاطلون عن العمل محتوياتهاصورة من: AP

حول هذا الموضوع أجرت دويتشه فيله الحوار التالي مع الصحافي العربي المقيم في لندن عدنان حسين:

دويتشه فيله: أستاذ عدنان لو تحدثنا عن البدايات، هل كان حقا مقتل الشاب مارك دوغان الشرارة الفعلية لانطلاق أعمال الشغب والعنف في لندن؟

عدنان حسين: الحقيقة أن مقتل الشاب مارك دوغان، البالغ من العمر 29 عاما، وهو أب لأربعة أطفال كان بمثابة الشرارة الحقيقية لاندلاع أعمال العنف. ومع الأسف فأن كل الصحف البريطانية ووسائل الأعلام ركزت على مقتل هذا الشاب فقط من دون العودة إلى الأسباب الحقيقية وراء اندلاع أعمال الشغب والعنف ليس في العاصمة البريطانية فحسب بل في أربع مدن كبيرة أخرى، من بينها ليفربول وبرمينغهام وبريستل مثلا. وأنا أعتقد أن الأسباب الحقيقية التي دفعت هؤلاء الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و16 سنة كامنة في سياسة التقشف التي اتبعتها حكومة كاميرون ( رئيس الوزراء البريطاني).

فالاستقطاعات الكبيرة التي تعرضت لها بلديات المدن البريطانية، و خصوصا بلديات العاصمة لندن، نتيجة لسياسة التقشف التي تنتهجها الحكومة البريطانية، أدت إلى تفاقم هذه القضية على حد الانفجار الذي شاهدناه. وحين قتل الشاب دوغان تجمع الشبان في الحي وكان عددهم بحدود 300 شخص وحصل ما حصل. إذن ليس مقتل الشاب دوغان يشكل الخلفية للأحداث بل مجمل الأسباب التي ذكرتها.

ولكن أشارت تقارير عديدة إلى أن الشاب دوغان كان متورطا في تجارة المخدرات وكان السبب وراء محاولة اعتقاله حسب إدعاء الشرطة، هل تستطيع أن تؤكد ذلك؟

لم نتأكد من صحة هذه الادعاءات، وهناك تعتيم كبير حول هذا الموضوع. والتعتيم يجري حول طبيعة الاجتماعات التي انعقدت بهذا الخصوص بين رئيس الوزراء كاميرون ووزيرة داخليته تيريزا ماي، حيث وعدوا بتحقيق سريع وكشف النتائج وربما سيتم الإعلان عن نتائج التحقيقات في اليومين القادمين أو الأيام الثلاثة القادمة.

NO FLASH London Proteste und Ausschreitungen August 2011
واجهات المحال التجارية تعرضت لأضرار كبيرةصورة من: dapd

يلاحظ سرعة انتشار أعمال العنف والشغب في الاتجاهات الأربعة في لندن ومن ثم الانتقال إلى مدن أخرى. كيف تفسر ظاهرة الانتشار السريع لأعمال العنف بهذه السرعة؟

لقد أظهرت تقارير إعلامية أن المشاركين في أعمال الشغب كانوا يستخدمون جهاز الهاتف النقال في نقل أخبار تحركاتهم إلى أصدقائهم في مناطق أخرى. وهذا يعني أن مجاميع الشباب الذين تتراوح أعدادهم ما بين 50 و300 شخص كانوا يتحركون وفق المعلومات التي كانوا يحصلون عليها عبر الهاتف الجوال. كما أن لأسلوب الشرطة في التعامل مع الأحداث دوره في زيادة رقعتها.

ففي نهاية الأسبوع كان عدد رجال الشرطة في الأحياء المعنية بأعمال الشغب حوالي 6 آلاف شرطي لكن العدد اليوم هو أكثر 16 ألف شرطي. بيد أن أعمال النهب والسلب انحصرت فعلا في مناطق غرب لندن وشرقها. واللافت أن معظم المناطق التي شهدت أعمال عنف وشغب تتميز بالتنوع العرقي لسكانها، كما هو الحال في بكينغينغهام وهو الحي الذي اندلعت فيه شرارة أعمال الشغب في لندن، حيث يتكون سكان الحي من إثنيات عديدة.

هل تعتقد أن هذه الحركات عفوية حقا؟ أم أنها تنذر بظهور حركة اجتماعية تتميز بالعنف في المستقبل وخارج إطار الحركة العمالية التقليدية؟

أستطيع أن أجزم لك بأن لا شيء يحدث عفويا، خصوصا وأن أعدادا كبيرة شاركت في أعمال الشغب التي لا يمكن أن تكون عفوية. اعتقد إذا لم تسارع الحكومة البريطانية إلى احتواء الأزمة وأسبابها أمنيا واقتصاديا فإن الأمور قد تتطور لما لا يحمد عقباه. والغريب في الأمر أو بالأحرى المثير للانتباه أن نفس الفئة العمرية من الشباب شاركت في أعمال الشغب والعنف ونهب الممتلكات العامة في المدن البريطانية الأربع الأخرى، وهي الفئة العمرية ما بين 14 و18 عاما.

London Proteste und Ausschreitungen August 2011 FLASH-GALERIE
سياسة حكومة كاميرون ساهمت في زيادة الهوة بين الفقراء والاغنياءصورة من: dapd

واللافت أيضا أن هؤلاء كانوا يرتدون أقنعة سرقوها من المحلات التجارية. كما يستخدمون أدوات رياضية في أعمال النهب وكسر المحلات التجارية سرقوها هي الأخرى. ويبدو أن المسؤولين البريطانيين يخشون من اتساع رقعة هذه الأعمال كما ونوعا. ولهذا قطع رئيس الوزراء البريطاني إجازته لمنطقة توسكانا الايطالية وعاد إلى لندن كما قطعت وزيرة الداخلية إجازتها في سويسرا لتعود إلى لندن وتتابع الأحداث عن قرب. وأعتقد أن المستقبل القريب سيكشف لنا إن كان وراء هذه الأعمال تحركات اجتماعية.

هل تتوقعون أن تراجع الحكومة البريطانية سياسة التقشف وتقليص ميزانية البلديات، خصوصا في لندن على طريق إعادة التوازن إلى المناطق الفقيرة؟

أعتقد أنه إذا لم يتم مراجعة هذه السياسة بشكل دقيق، فأن الأمور مرشحة للتطور بشكل سريع. إن سياسة التقشف ألحقت الضرر بالكثير من السكان. و هناك من يتحدث عن مئات الآلاف من المتضررين في بريطانيا فيما يصل هذا الرقم في لندن إلى مليون أو مليونين شخص متضرر نتيجة لسياسة التقشف في بريطانيا.

أجرى الحوار: حسن ع. حسين

مراجعة: أحمد حسو