1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"المادة 212"ـ تشريح للواقع المصري بأسلوب ساخر

١٧ أكتوبر ٢٠١٠

على الرغم من أن الدستور المصري يحتوي على 211 مادة فقط، إلا أن الكاتب هيثم دبور أضاف إليه مادة جديدة في كتابه الساخر "المادة 212"، الذي يصف فيه الدستور الواقعي الذي وضعه المصريون بأنفسهم بعيدا عن مواد الدستور الأصلية.

https://p.dw.com/p/PgFo
كتاب "المادة 212" يكشف التناقض الكبير بين مواد الدستور وادراك المواطنين لهصورة من: DW

"الدستور المصري به 211 مادة لم يضعها المصريون". بهذه الجملة يبدأ الكاتب المصري الشاب هيثم دبور الفيلم التسجيلي القصير، الذي يروج فيه لكتابه الجديد "المادة 212 "، الذي يصف فيه الهوة الشاسعة بين مواد الدستور المصري وحقيقة تطبيقها على أرض الواقع. ويؤكد الكاتب في حوار مع دويتشه فيله أنه "يطرح في كتابه أساليب إدارة المصريين لحياتهم من خلال مادة خاصة بهم لا وجود لها إلا في دستورهم الخاص، تبدأ من المادة 212، والتي لا علاقة لها ببنود الدستور المصري المكتوبة من قريب أو بعيد".

ويضيف دبور، البالغ من العمر 24 عاما، أن هذه الفكرة روادته منذ ثلاث سنوات عندما بدأ الحديث في الشارع ووسائل الإعلام عن الدستور والمطالبة بتعديل بعض مواده دون دراية حقيقية بما تعنيه هذه المواد لدى عامة الشعب المصري. ويرجع دبور ذلك إلى أن هذه المواد لم تُصاغ بمشاركة الشعب، كما أن الشعب المصري لم يشارك في صوغ أشياء عديدة فرضت عليه مثل نظام التعليم الحالي، والذي انتقده هيثم دبور في كتابه السابق "أول مكرر"، وأشار فيه إلى أن التلميذ المصري ينهي المرحلة المدرسية من دون أن يتعلم شيئا.

Artikel 212: Eine Debatte über die ägyptische Verfassung
الكاتب هيثم دبور يصف في كتابه الهوة الشاسعة بين مواد الدستور المصري وحقيقة تطبيقها على أرض الواقع.صورة من: DW

كما يشير دبور إلى أن كتاب "المادة 212" يعد بمثابة امتداد لكتابه الأول، ولكن بشكل أوسع من أسوار المدرسة إلى فضاء الشارع الفسيح، الذي تحكمه قوانين خاصة تنظم علاقة الناس بالمجتمع والدولة من حولهم، مشيرا إلى تناقض هذه القوانين تماما مع مواد الدستور المصري.

حرية العقيدة واحترام البيئة...مواد دستورية رسمية فقط

ويذكر دبور مثالا على ذلك بالمادة 46 الخاصة باحترام حرية العقيدة، والتي لا يلاحظها المرء في الشارع، بل يقابلها التشدد الديني المسيطر حاليا حيث يظهر حارس عقار يجيب على المارة الذين يقولون "مساء الخير" بعبارة "عليكم السلام ورحمة الله وبركاته"، أو المادة 59 التي تنص على ضرورة حماية البيئة بينما يظهر رجل يتبول بجانب الحائط في الشارع، أو المادة 54 التي تنص على حق التجمع السلمي للمواطنين بينما يظهر رجال الأمن يطوقون تجمعا لطلاب يرسمون لوحات فنية على أحد الطرقات.

وفيما يتعلق بفكرة الفيلم الدعائي للكتاب الذي تصل مدته إلى 10 دقائق، يعتقد دبور أن هذه الأفكار المرئية تناسب العصر وتستخدم لتوثيق الفكرة من ناحية، وللتسويق وجذب القراء من ناحية أخرى . كما يشير إلى أن الفيلم، الذي صوره مع عدد من أصدقائه، عرض في عدة برامج تلفزيونية قبل صدور الكتاب، كما شاهده حتى الآن 65 ألف شخص على مشاهدته على الموقع الإلكتروني "اليوتيوب"، كما يتم تحميله على بعض المدونات وموقع الفيس بوك، وهو ما يعتبره وسيلة متميزة ساهمت في نجاح وبيع الكتاب حيث أن دار الشروق للنشر تستعد حاليا لإصدار الطبعة الثانية برغم صدور الطبعة الأولي قبل شهر ونصف فقط.

التعايش..أبرز ملامح الدستور الجديد

Artikel 212: Eine Debatte über die ägyptische Verfassung
المحلل السياسي محمد جمال عرفه يرى أن "مشكلة مصر الأساسية لا تكمن في تغيير أو تعديل الدستور بل إنها تكمن في عدم تطبيق مواده الحالية".صورة من: DW

ويصف دبور أبرز ملامح "المادة 212"، التي تمثل الدستور الحقيقي للمصريين بالتعايش، ويرى أن المصريين يعتمدون على التعايش مع كافة الأوضاع مثل الفساد والفوضى وغلاء الأسعار، مؤكدا أن "المصري البسيط يريد أن يعيش ويكسب قوته فقط، ولذلك فنحن البلد الوحيد، الذي يطلق على الانتخابات موسما، لما فيها من تربح عبر الرشاوى وشراء الأصوات".

وعن أطرف تعليق جاءه من القراء يقول دبور إن شخصا أخبره بأنه إذا ما تم تعديل بعض مواد الدستور في ظل الجدل الحالي، فلن يصلح كتابه للقراءة بعد ذلك، الأمر الذي أجاب عليه "بأنه في هذه الحالة سيظل الكتاب في الأسواق سنوات طويلة قادمة لانعدام الأمل في أي تعديل دستوري قريب".

وعلى النقيض من ذلك ترى رشا فهيم، التي تعمل محاسبة بأحد البنوك في حوار مع دويتشه فيله أن "فكرة الكتاب مبتكرة ومتميزة لأنه قام بتشريح الواقع المصري بأسلوب ساخر وسهل يستخدم اللغة العامية"، مشيرة إلى أن الكاتب نجح في نشر الوعي والتثقيف حول الدستور المصري، خاصة لأنها لم تكن تعرف الدستور أو حتى عدد مواده قبل قراءة الكتاب.

وتقول رشا: "هناك دعوة من الكاتب في الصفحات الأولى للكتاب إلى قراءة الدستور، لأن كتابه مبني عليه ومقسم على غراره، ويبدأ بالفصل الثامن ثم يعقبه فصول الدستور الأصلية السبعة وعدد صفحاته 77 لأن الدستور 76 صفحة ويبدأ بالمادة 212". كما تشير إلى أن الدستور متوفر على الموقع الإلكتروني للحكومة المصرية بلغات مختلفة.

"الكتابة الساخرة تعتمد على عنصر المفارقة"

Artikel 212: Eine Debatte über die ägyptische Verfassung
الكتابة الساخرة تعتمد على عنصر المفارقةصورة من: DW

كما تعتقد رشا أن أفضل ما في الكتاب يكمن في اعتماده على عنصر المفارقة لرصد تناقضات المجتمع المصري حيث يسرد الكاتب المادة الأصلية ثم يأخذ القارئ في جولة في الشوارع بهدف رصد التطبيق الحركي الفعلي لهذه المادة. وتؤكد أن الكتاب يجسد الوضع الحالي، الذي تعيشه مصر والذي يتمثل في الفجوة بين ما هو مفروض ومنصوص عليه في الأوراق الرسمية وبين ما هو واقعي، قائلة: "لا قانون أو نصوص يحكم حياة المصريين، فالفوضى والعشوائية هما أسياد الموقف".

ومن جهته يعتقد المحلل السياسي محمد جمال عرفه في حواره مع دويتشه فيله أن "الكتابة الساخرة تحقق حاليا نجاحات كبيرة في الأوساط المصرية لما فيها من إسقاطات سياسية واجتماعية تتمتع بروح الدعابة وتثير الشجون في نفس الوقت على الحال الذي وصل إليه المجتمع المصري". ويرى عرفه أن المؤلف يعتمد على هذا النوع من الكتابة في مقالاته الصحفية ودواوينه الشعرية، مما يجذب جمهورا كبيرا إليه خاصة من الشباب.

دستور شعبي

Artikel 212: Eine Debatte über die ägyptische Verfassung
هيثم دبور يرى أنه "لا قانون أو نصوص يحكم حياة المصريين، فالفوضى والعشوائية هما أسياد الموقف".صورة من: DW

وبالإضافة إلى ذلك يعتقد عرفه أن هناك تعمد حكومي في عدم توعية الناس بالمفاهيم الأساسية للدستور لكي لا يعرف أحد واجباته أو حقوقه وحتى لا يطالب بها، مشيرا إلى أن ذلك "جعل الناس يخلقون دستورهم الشعبي الذي عبر عنه دبور في كتابه".

ويروي عرفه لدويتشه فيله أن الكتاب صدر في وقت مناسب نظرا للجدل الدائر حاليا حول تعديل بعض مواد الدستور، إلا أنه لن يساهم في المزيد من التعبئة الشعبية حول هذا الأمر، لأن الكاتب مازال شابا وفي بداية طريقه ويساهم فقط في التنفيس عن ما في الصدور من دون مردود حقيقي، وخاصة أن أحزاب المعارضة والمثقفين أنفسهم غير قادرين على ممارسة ضغط على النظام المصري بهدف دفعه إلى تغيير الدستور.

غير أنه يرى أيضا أن "مشكلة مصر الأساسية لا تكمن في تغيير أو تعديل الدستور الحالي الذي وضعه الرئيس أنور السادات عام 1971 وأدخل عليه الرئيس حسني مبارك تعديلات منذ سنوات قليلة، بل إنها تكمن في عدم تطبيق مواده الحالية".

نيللي عـزت ـ القاهرة

مراجعة: لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد