1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

روجن: جوهرة بحر البلطيق البيضاء

سمر كرم

لطالما جذبت جزيرة روجين الواقعة شمال ألمانيا انتباه الفنانين لطبيعتها الخاصة وألهمتهم لوحات بديعة، حتى خلدها الفنان الرومانسي كاسبار دافيد فريدريش في لوحة شهيرة منذ قرنين. إلى هذه الجزيرة البيضاء نتوجه اليوم.

https://p.dw.com/p/7OIQ
صورة للسهوب الطباشيرية في الجزيرةصورة من: dpa
Ostseebad Prora
احد شواطئ الجزيرةصورة من: Museum-Prora

تعتبر روجن أكبر جزيرة في ألمانيا، فهي تمتد على مدى 1000 كم مربع، وهي عبارة عن مجموعة من 18 جزيرة مختلفة المساحات. يمتد شاطئ الجزيرة بطول 580كم، وهو ما يجعلها غنية بالمناظر الطبيعية الساحرة، والسواحل المختلفة ذات الطبيعة المتنوعة. كذلك تتمتع جزيرة روجن بشمسها المشرقة وشواطئها الواسعة الممتدة التي تعطي فرصة كبيرة للمصطافين بالتمتع بالسباحة والغطس وجمع الأحجار وقيادة المراكب الشراعية وغيرها من الأنشطة الساحلية المختلفة. وتجمع سواحل الجزيرة بين المناظر الطبيعية المتنوعة، من شواطئ ممتدة في أومانز، أو جبال في المونشجوت، إلى الشواطئ الطباشيرية البديعة في ياسموند، أوالسواحل الحجرية في موركان، وغيرها من الشواطئ المتنوعة الممتدة بطول الجزيرة. وتتمتع بعض الشواطئ بشعبية خاصة مثل بينز وسيلين وبرورا، حيث يتهافت عليها السائحون طوال الصيف. وتقع الجزيرة بالقرب من حدود بولندا والدانمارك. وقد ألهمت شواطئها فيلهلم بارتلمان فابتكر ما يسمى بـ "سلة الشاطئ" وهي عبارة عن أريكة من الخوص مغطاة، تعطي الفرصة للتمتع بالاستلقاء على الشاطئ للقراءة أو التأمل في منأى عن الشمس أو الرياح القوية، كما أن بها أدراج لوضع لوازم البحر المختلفة.

الألوان الطبيعية ترسم لوحة بديعة في روجن

Wolken über Rügen
صورة من: dpa zb

وفي الليل تمتلأ الجزيرة بجامعي الكهرمان، الذين ينكبون على الشواطئ بحثاً عن الحجر الثمين برتقالي اللون، والمسمى هناك بـ"ذهب البلطيق". وتتميز الجزيرة بلونها الأبيض، النابع من تربتها الطباشيرية، في شكل فريد وسط البحر الذي يميزه اللون الأزرق المختلط بالفضي. وتمتزج هذه الألوان معاً لتعطي للمكان ثراءا خاصاً. وتجذب الجزيرة بهذه الألوان الفريدة الفنانين كما تجذب الكتاب والأدباء، فجرهارت هاوبتمان الحاصل على جائزة نوبل للآداب يعشق الجزيرة الصغيرة هيدنسي التي لا تصلها السيارات ولا حتى الدراجات. ولا يقتصر الأمر على الفنانين والأدباء، بل يجذب أيضاً أنجلا ميركل، فهي معتادة على زيارة هذه الجزيرة في الأوقات الميتة، حيث يقل زوارها، لتتمتع بالطبيعة والهدوء.

وكما تتميز الجزيرة بطبيعتها الخلابة، تعتبر مركزاً ثقافياً هاماً، فإلى جانب القلاع والقصور المتعددة التي تملؤها، تتميز الجزيرة بنشاط الحركة الثقافية بها بشكل خاص. من متاحف وعروض مسرحية وموسيقية ومعارض فنية. كما تجذب الحديقة الوطنية وقصر الصيد جرانيتس ومهرجان شتورته بيكر يجذبان عدداً كبيراً من الزوار.

جزيرة من أقدم الجزر

Restaurant Cliff

وجزيرة روجن جزيرة ذات تاريخ بعيد، يرجع إلى العصر الجليدي. حيث بدأ المجرى الثلجي لآخر عصر جليدي في الذوبان منذ نحو 10.000 عام، ونتيجة لذلك، ارتفع منسوب المياه ببحر البلطيق بشكل ملحوظ، فغطى الأراضي، وكونت المناطق المرتفعة مجموعة من الجزر من بينها هيدنسي وفيوفز وياسموندز والجرانيتز. وعلى مر العصور، وبفعل العوامل الجوية غطت الرمال الأسطح بين هذه الجزر الصغيرة، فكونت جزيرة روجن. وبعد نهاية العصر الجليدي، عمرت القبائل الجرمانية الجزيرة، والكثير من الآثار الجيولوجية تثبت أن روجن من أقدم الأراضي التي سكنها الإنسان. فحسب علماء الآثار، ترجع الحياة في هذه الجزيرة إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد، إلى العصر الحجري. فقد وجدت بها أدوات زراعة وأسلحة ترجع للعصر الحجري.

موقع متوسط في بحر البلطيق

Herbstspaziergang auf Rügen
صورة من: dpa zb

وبحكم موقعها المتوسط، فقد بدأ دخول القبائل السلافية من أوروبا الشرقية إلى هذه الجزيرة في القرن السادس الميلادي، واستمرت المعارك بين الجنسين حتى انتصر الجيرمانيون في القرن الثاني عشر. ثم تحولت إلى السويد في عام 1630 ثم إلى يد الفرنسيين أثناء حملات نابليون، حتى تعود إلى بروسيا بعد مؤتمر فيينا عام 1815. وتحولت الجزيرة للمصيف المثالي لسكان ألمانيا الشرقية سابقاً. وبعد سقوط سور برلين، وإعادة الوحدة لألمانيا، جذب هذا المصيف الألمان بشكل كبير. ويتمتع هذا المصيف بشعبيته الكبرى لتنوع طبيعة أراضيه، فالجنوب الشرقي يتمتع بأراضي زراعية، وفي الشمال تمتد الجبال، أما في منتصف الجزيرة فتقع الخلجان التي تفصل بين الجزر الصغرى التي تعد جزءاً من روجن، وأشهرها سيلين وجورين. كذلك يجعل هذا الموقع من الجزيرة الألمانية مركزاً تجارياً هاماً، وحلقة وصل بين بلدان بحر البلطيق.