1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ظاهرة استئصال أرحام "المعاقات ذهنيا" تثير الجدل في الأردن

٨ يناير ٢٠١٢

توجد ظاهرة إزالة الأرحام للمعاقات عقليا منذ فترة طويلة في الأردن، ويعتبر الأهالي الخطوة، عادة استباقا احترازيا لحماية الفتاة من أي عواقب أي اعتداء جنسي، فيما يسود الغموض البيانات الرسمية وسط مطالب بتشريعات لضبط الظاهرة.

https://p.dw.com/p/13f2R

يدافع أهالي المعاقات ذهنياً عن ما يعتبرونه حقهم في إجراء عملية استئصال الرحم باعتبار الإعاقة العقلية لبناتهم، وحساسية التعامل مع سن البلوغ، بينما تشير الدراسات إلى أن السبب الرئيسي وراء ذلك مرتبط بجرائم الشرف التي تخلف "وصمة عار اجتماعية" فيما لو جرى اغتصاب الفتيات المعاقات وحصل الحمل.

وتقول رئيسة جمعية "أنا إنسان" آسيا ياغي، إنه ومن خلال احتكاكها مع عائلات فتيات معاقات ذهنيا فان "الأهالي يشكون من عدم قدرة ابنتهم على المحافظة على نفسها أثناء الدورة الشهرية"، إضافة إلى التعب والإرهاق الذي يلحق بالأم أو الأخت جراء قيامها بخدمة الفتاة خاصة إذا وجدت أكثر من فتاة معاقة في العائلة، كما أن بعض الأهالي لا يرون مبررا لوجود الرحم ما دامت الفتاة المعاقة ذهنيا لن تتزوج.

"استئصال الرحم يفاقم مخاطر التعرض للاغتصاب"

Mutterleibentfernung geistig behinderten Mädchen in Jordanien
السيدة آسيا ياغي رئيسة جمعية "أنا إنسان"صورة من: Asia Yaghi

وترى ياغي أن أبعاد هذه الظاهرة خطيرة وقد تؤدي إلى تفاقم وكبر حجم المشكلة. وقد يخلق ذلك هوة بين الفتاة المعاقة والأسر والمجتمع بشكل عام "لأنها قد تصبح عرضة بشكل مباشر للاغتصاب وبالتالي، ستصبح بعد ذلك هي من تطلب ممارسة الجنس" بسبب زيادة الهرمونات الجنسية لدى ذوي الإعاقة الذهنية، إضافة إلى الأمراض التي قد تلحق بالفتاة بعد عملية الاستئصال، ولا حقا تداعيات كبر العمر وأمراض القلب وغيرها.

وتضيف ياغي انه وبعد صمت طويل تم طرح موضوع استئصال أرحام الفتيات المعاقات ذهنيا للنقاش، وقامت "لجنة المرأة في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين" بمحاولة توعية الأهالي وتغيير اتجاهات الأسر التي لا تعلم مدى ضرر وخطر الاستئصال، إضافة إلى وضع "خطة فاصلة لمحاربة هذا الانتهاك وتحديد طريقة التعامل معه من خلال النقاش من خلال القانون والطب وحتى الرأي الديني المسيحي والإسلامي على السواء".

"260 عملية استئصال بين 2007 و 2010"

Mutterleibentfernung geistig behinderten Mädchen in Jordanien
جانب من ندوة نظمتها في عمان جمعية "أما إنسان" لنشر التوعية حول مخاطر استئصال رحم المعاقات ذهنيا.صورة من: Asia Yaghi

إلى ذلك تقول مها السعودي رئيسة "لجنة المرأة في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين" في حوار مع دويتشه فيله، إن ظاهرة استئصال أرحام الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية لها أبعاد شرعية تحرمها، وحقوقية تتعلق بعدم أحقية الأهالي في اتخاذ القرار عن بناتهم، وصحية تتعلق بمخاطر ومضاعفات جانبية خاصة بعمليات استئصال الأرحام.

وأشارت السعودي إلى نوعين من التمييز ضد الفتاة المعاقة ذهنيا. الأول كونها امرأة والثاني لأنها ذات إعاقة. وأضافت أن الظاهرة تنتشر في عمان والمدن الكبرى وبين جميع طبقات المجتمع لأنها تجرى في المستشفيات الحكومية والخاصة وتقدر عدد العمليات بحوالي 260 عملية منذ عام 2007 إلى عام 2010 وهذه أرقام غير رسمية.

وترى السعودي أن عملية الاستئصال "انتهاك لحقوق وكرامة الفتيات ذوات الإعاقة العقلية". بل وتعتبر أنها أفضل طريقه "لطمس آثار الاعتداء الجنسي ومنع ظهور نتائجه وعدم معاقبه الجاني على فعلته وإتاحة المجال له بإعادة الاعتداء مرات عديدة". وتؤكد السعودي على إمكانية تأهيل الفتيات وتدريبهم على الاعتناء بأنفسهن خلال الدورة الشهرية، مشيرة إلى وجود بدائل يمكن أن تعالج المشكلة دون أضرار تلحق بالفتيات، كالحقن والإبر التي توقف الدورة لثلاثة أشهر.

"أهمية الخدمات صحية والحماية قانونية"

من جهتها ترى مديرة المشاريع في جمعية النساء العربيات ليلى حمارنة في حوار مع دويتشه فيله، أن الموقف من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق النساء، ومن بينها القضية الشائكة المتعلقة باستئصال الرحم لدى الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية، يرتبط بمدى الالتزام بالمفاهيم الحقوقية ذات النزعة العالمية والتي توصلت لها البشرية عبر سنوات طويلة من البحث والاجتهاد والتوافق. "وقد تم التعبير عن هذه المفاهيم في نطاق الأمم المتحدة حيث توالى صدور الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان على جميع الأصعدة ومن بينها حقوق الأشخاص المعوقين".

وتضيف حمارنة انه لا يمكن أن تأخذ موقفا مثاليا فيما يتعلق بقضية الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية في الأردن دون أن يتحقق الالتزام بتقديم خدمات صحية خاصة وحماية قانونية كاملة "فرغم أن الأردن كان قد وقع وصادق ونشر بالجريدة الرسمية الاتفاقية الدولية للأشخاص المعوقين إلا أنه لم يتخذ أي إجراء لتقديم الخدمات الصحية الخاصة للفتيات المعوقات أو الحماية القانونية لهن".

Mutterleibentfernung geistig behinderten Mädchen in Jordanien
في الصورة مها السعودي رئيسة "لجنة المرأة في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين"صورة من: Asia Yaghi

مشيرة إلى وجود اتجاه لدى بعض المنظمات النسائية للسماح باستئصال أرحام الفتيات إلى أن يتم تنفيذ الاتفاقية الدولية. "فمن الملاحظ أن وزارة الصحة والمجلس الأعلى للسكان والمجلس الأعلى لرعاية شؤون الأشخاص المعاقين لم يتبنوا سياسات تتعلق بتقديم خدمات صحية ملائمة للمعاقين". وقد ورد ذلك في تقرير الظل الخاص بمراقبة مدى التزام الأردن مع المعايير الدولية والذي دعمه برنامج المجتمع المدني ليتم تقديمه في بداية عام 2012 للجنة المراقبة التابعة للاتفاقية الخاصة بحقوق الأشخاص المعوقين ( CRDP) . ومن الناحية القانونية تشير حمارنة إلى وجود مواد قانونية في قانون العقوبات تجرم القيام بعملية إزالة الرحم دون سبب طبي ملح.

نقابة الأطباء: ضرورة وضع شروط مشددة

ويقول نقيب الأطباء الأردنيين الدكتور احمد العرموطي إن غالبية حالات استئصال الأرحام للفتيات ذوات الإعاقة العقلية تتم في المستشفيات الحكومية. ويضيف إن الطبيب يقوم بهذه العملية بناء على طلب الأهل الذين يعيش معظمهم في بيئة اجتماعية فقيرة، موضحا أن نقابة الأطباء اقترحت وضع شروط مشددة لإجراء عمليات استئصال الرحم تتضمن تقرير من طبيب نفسي وآخر من طبيب أعصاب، إضافة إلى تقرير من طبيب نسائي بان الحالة تستدعي إزالة الرحم.

ويرفض العرموطي التشكيك في الأطباء واتهامهم بالقيام بعمليات استئصال الرحم للفتيات ذوات الإعاقة العقلية بدون دواعي طبية. ويؤكد انه لا يوجد أي دليل على أن الطبيب هو الذي يقترح على الأهالي القيام بهذه العملية ويضيف أن مثل هذه العمليات تجري أيضا في أوروبا وأمريكا. "على الرغم من أن الحمل خارج إطار الزوجية مقبول في ثقافة تلك المجتمعات".

محمد خير العناسوة / عمان

مراجعة: حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد