1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سر نجاح المهاجرين العرب في بلاد العم سام

تدعو آخر الإحصائيات التي نشرتها الولايات المتحدة إلى الدهشة، إذ تظهر أن مواطنيها ذوي الأصول العربية متفوقون على غيرهم من الأمريكيين، الأمر الذي يطرح تساؤلاً هاماً حول سبب تفوقهم على أقرانهم في الدول العربية والأوربية

https://p.dw.com/p/7V5h
مهاجرون في برلينصورة من: AP

ليس بالغريب أن يتمتع المهاجرون بحياة أفضل في بلدان مهجرهم. لكن إذا تفوق المهاجرون بشكل ملحوظ على مواطني بلدان مهجرهم الأصليين، فهذا بلا شك من الأمور، التي تشد الانتباه. هذا الوضع قائم في الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما وأن آخر إحصاء للسكان تم إجرائه هناك قد أظهر أن المواطنين ذوي الأصول العربية يفوقون في المتوسط ذويهم الأمريكيين ثراءاً وتعليماً. فبينما يحمل 24 بالمائة من الأمريكيين مؤهلاً جامعياً، يحمل 41 بالمائة من العرب الأمريكيين درجات علمية عالية. أما متوسط دخل الأسر العربية المقيمة في أمريكا فيبلغ حوالي 53 ألف دولار سنوياً، أي أنه يفوق متوسط دخل الأسر الأخرى (43 ألف دولار سنوياً) بنسبة 4،6 بالمائة، إضافةً إلى ذلك فإن حوالي نصف عدد المهاجرين يمتلك مسكناً خاصاً، ناهيك عن أن حوالي 42 بالمائة من المهاجرين العرب بالولايات المتحدة يشغلون وظائف مرموقة أو يعملون بمناصب قيادية، في حين أن نسبة 34 بالمائة فقط من القوى العاملة الأمريكية تحظى بمثل هذه الوظائف.

أسباب ثقافية؟

Walk of Islam - Modenschau für islamische Frauen, Kopftuch
الثقافة العربية تشكل إثراءاً للمجتمع الأمريكي أيضاًصورة من: dpa

هناك من يرجع عدم نجاح معظم المهاجرين العرب في أوطانهم الأصلية إلى حالة الفقر المدقع، التي تهمين على بعض بلدان الشرق الأوسط. وهناك من يدعي بدون أية أسباب موضوعية أن الفقر وليد الثقافة العربية. وذلك بالرغم من أن هذة الثقافة قد أثرت بدون شك الحضارة الإنسانية على مر العصور. إن محاولة استخدام المعطيات الثقافية، كوسيلة لفهم سبب نجاح مجموعة من البشر وفشل مجموعة أخرى ليست بجديدة. ففي عام 1904 رأى عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، أن تفوق البلدان الأوروبية على غيرها اقتصادياً أنما يرجع بالدرجة الأولى إلى أن الديانة المسيحية تتماشى بصورة أفضل من أي دين آخر مع الرأسمالية، التي هي أساس الاقتصاد الأوربي. لكن المعجزة الاقتصادية، التي شهدتها كثير من الدول الآسيوية، التي يعتنق مواطنيهم ديانات أخرى، أظهرت بعد منتصف القرن العشرين عدم صحة نظرية فيبر. وحتى إذا أقر المرء بصحة نظرية فيبر وأرجع أسباب الفقر في العالم العربي إلى معطيات ثقافية، فكيف إذن يمكن تفسير نجاح المهاجرين العرب في المجتمع الأمريكي؟

توافر الفرص سبب النجاح

Probefahrt für Pride of America
لأمريكا جاذبية خاصة بالنسبة للمهاجرينصورة من: AP

إن الإجابة على هذا السؤال في غاية البساطة، فهي تكمن في توافر الفرص والمؤسسات والعوامل، المشجعة على النجاح بعكس ما هو عليه الحال في البلدان العربية. إن للعرب قدرة على النجاح في الولايات المتحدة لأن المؤسسات السياسية والاقتصادية الأمريكية تحرص أشد الحرص على الاستفادة من خبرات كل من يهاجر إلى بلاد العم سام. وعلى عكس النظريات التي تدّعي الفقر والتخلف على الثقافة العربية العريقة يثبت الواقع أن ثقافة المهاجرين العرب تمثل مفتاح النجاح، إذا ما توفرت فرص العمل والعدالة الاجتماعية، التي من خصائصها الاحترام المتبادل والحياة في مجتمع يكفأ أفراده على قدر إنتاجهم.

الأمر يختلف في أوروبا

Ausländer und Deutsche in der Wirtschaft
التنوع الثقافي أساس التقدم العلمي والاقتصاديصورة من: dpa Zentralbild

وهناك من يفسر سر تفوق المهاجرين العرب في الولايات المتحدة بأن فئة المهاجرين هناك تضم جيلاً شاباً يمتاز بالكد والحماس والنشاط،. ويعتقد البعض أن المهاجرين العرب، الذين وفقوا علمياً ومهنياً واجتماعيا في أمريكا، قادرون على إثبات مهاراتهم بأي دولة أخرى. لكن الواقع يثبت عكس ذلك كل يوم. فمن المعروف عن المهاجرين العرب المقيمين في أوروبا أن غالبيتهم لم تصل إلى نفس مستوى التفوق العربي في أمريكا. فالعرب والمسلمون في القارة الأوروبية يشكلون مجموعة من فقيرة السكان تعاني من تدني المستوى العلمي والمهني على عكس غالبية السكان الآخرين. ففي هولندا على سبيل المثال تبلغ نسبة البطالة لدى المهاجرين المغاربة 22 بالمائة، أي أربعة أضعاف نسبة البطالة في البلاد كلها. ومن دولة أوربية إلى أخرى تتباين هذه النسبة. ولعل السر يكمن في عدم توافر مقومات النجاح في الدول الأوربية بنفس قدر توافرها في الولايات المتحدة الأمريكية. أم أن المهاجرين العرب لم يتمكنوا بعد من العثور على هذه المقومات والاستفادة منها؟

علاء الدين سرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد