1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فيروسات الكمبيوتر: وسائل للجاسوسية والقرصنة والمنافسة غير الشريفة

تقرير: زاهي علاوي

تعد شبكة الانترنت إنجازا تكنولوجيا وعلميا لا يمكن الاستغناء عنه في الحياة المعاصرة. لكن استخدامها لا يخلو من مخاطر مهاجمتها من قبل هواة البرمجة والجاسوسية الذين يسببون أضرار وخسائراً اقتصادية فادحة .

https://p.dw.com/p/6ssN
الفيروسات أكبر خطر يهدد تقنية المعلوماتصورة من: dpa

لا شك أن الحاسوب نعمة على البشر نظرا للخدمة الفائقة الذي يقدمها في مجال الاتصال والأعمال، لكن هذه النعمة تخفي مخاطر أثناء استخدامها. فقبل عام استطاع الشاب القاصر سفين من ولاية سكسونيا السفلى (شمال ألمانيا) أن يعطل عمل الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في العديد من دول العالم. ووقف العلماء والخبراء آنذاك حائرين أمام الفيروس الذي برمجه هذا الشاب اليانع والذي قام بالدخول إلى أجهزة الكمبيوتر رغم برامج المناعة التامة المزودة بها هذه الأجهزة. مُبرمج هذا الفيروس يمثل اليوم أمام القضاء حيث سيتصدر المحكمة حكماً بشكل نهائي يوم الخميس بعد اعترافه بإرتكاب هذا الخطأ. وسيتم تغريمه بـ 130 ألف يورو على الرغم من أن الخسائر التي سببها الفيروس الذي برمجه والمعروف بـاسم (Sasser) تصل إلى الملايين. واعترف الشاب الهاوي بفعلته أمام القضاة مبررا ذلك بأنه قام بها من أجل "خدمة المصلحة العامة".

Windows XP Logo
شعار برنامج ويندوز لإدارة الحاسوب

يرتدي معظم هواة الكمبيوتر وعشاق البرمجة في العادة بناطيل الجينز والقمصان الخفيفة، إضافة إلى قبعة البيس بول (Base-Cap)، حتى أن بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت العالمية كان يرتدي هذه الملابس في سنوات السبعينات عندما كان يعمل في كراج بيته ليخرج للعالم ما يسمى في هذه الأيام بـمنظومة ويندوز (Windows) المنتشرة بكثرة. هذه الملابس يرتديها اليوم الشاب الخجول والهاوي ابن 19 عاما سفين. لكن هذا المراهق إضطر إلى أن يرتدي جاكيته لمثوله أمام المحكمة الجنائية في فيردين في ولاية سكسونيا السفلى، لأنه صمم في ربيع العام الماضي، وهو في سن 17 عاما فيروس لأجهزة الكمبيوتر في قبو منزل والديه، وأطلق علية اسم دودة زاسر(Sasser-Wurm). وأدى هذا الفيروس إلى تعطيل ملايين أجهزة الحاسوب العاملة بمنظومة "ويندوز" في شتى أنحاء العالم، إضافة إلى أنه بذلك قد أعاق إقلاع بعض الطائرات وعطل عملة لجنة الاتحاد الأوروبي في ذلك الحي. هذا العمل الرهيب جعل من بيل غيتس عدوا لدودا لهذا الصبي الهاوي.

هواية مراهق أم عمل مع سبق الإصرار

Computer Wurm
قطع من المطاط على شاشة الكمبيوتر تعبيرا عن فيروس الحاسباتصورة من: dpa

في العادة يكون هدف المبرمجين أمثال سفين الربح المادي والغنى الفاحش، لكن ابن السابعة عشرة كان يود اللعب والتمتع بهوايته حسب تخمين سيباستيان شرايبر، مدير إحدى شركات الأمان لأجهزة الحاسوب. لكن المراهق سفين يرى الأمر بطريقة مغايرة، حيث اعترف أمام المحكمة بفعلته، وأراد بذلك أيضا تعطيل 90% من أنظمة ويندوز في العالم، وخلق ثغرة فعلية في أنظام أمان الحاسوب، إضافة إلى لفت انتباه المواطنين مستخدمي نظام ويندوز الى وجود ثغرة الأمان هذه. وبينما كانت الفيروسات العادية تأتي عن طريق ملف بالإيميل، انتشر فيروس (Sasser) عن طريق الإنترنت دون الحاجة إلى التغليف بأي ملف، وكان مجرد الاتصال بالانترنت كاف لإصابة أجهزة الحاسوب بالفيروس الذي كان يصعب التخلص منه. ومن جهة أخرى كان من الصعب تحديد الشركات والأجهزة التي أصابها هذا الفيروس، وأصبح الأمر مخجلا لكثير من الشركات التي حصنت أجهزتها بنظام فاير وول (Firewalls) للحماية من أي خطر خارجي. كما وضع بيل غيتس قد وضع مبلغ 250 ألف يورو مكافأة لمن يعطي معلومات عن مبرمج (ٍSasser). من جهته اعتبر شرايبر بأن ما قام به سفين هو عمل غير مسؤول "حيث كان بإمكانه الاتصال بشركة ميكروسوفت وإعلامهم بالخلل نظام ويندوز بدلا من إعطاب نصف أجهزة الحاسوب العالمية. لكنه أراد بالدرجة الأولى إثارة الانتباه." لم يكن كلام شرايبر هذا من فراغ إذ أنه خبير في هذا المجال إضافة إلا امتلاكه شركة سيس (Syss) لحماية أنظمة الحاسوب ويقوم بإعطاء النصائح والعمل على حماية الكثير من أجهزة الكمبيوتر للعديد من الشركات والمستثمرين.

منافسة غير شريفة

ICE-3 Hochgeschwindigkeitszug
القطار السريع الذي كان من المفروض أن تبنيه شركة سيمنز لكورياصورة من: AP

غالبا ما تصبح الشركات ضحية لنظام التجسس على الحاسوب، حيث يقوم الكثير من هواة الكمبيوتر المطلق عليهم اسم الهكر أو قراصنة الإنترنت (Hacker) بالدخول إلى الكثير من أجهزة الكمبيوتر للشركات الكبيرة للعبث بالمعلومات الموجدة فيها دون الاكتراث بالنتائج التي قد تترتب على ذلك. وتقوم الكثير من الشركات المنافسة بتوكيل هؤلاء القراصنة لجلب بعض المعلومات الهامة عن طبيعة العمل إضافة إلى المشاريع المستقبلية لمحاولة المضاربة عليها. وكان أشهر هذه الأمثلة ما قام به خبراء الحاسوب في شركة بناء القطارات الفرنسية (TGV) عندما دخلت إلى أجهزة شركة سيمنز الألمانية لمعرفة كيفية بناء القطارات السريعة (ICE) واستطاعت شركة (TGV) بذلك كسب العطاء الكوري حيث كانت من المقرر بناء قطار سريع لها من قبل سيمنز. ويقول مدير شركة (Syss) بأن المفارقة الغريبة هنا تكمن في "أن الشركات لا يمكنها معرفة ذلك، وإذا عرفته، فإنها لا تتحدث عنه حتى لا تخسر سمعتها أمام الشركات المنافسة." واعتبر شرايبر أن ما قام به سفين بمثابة "حرب نيابية" حيث أن الشركات قد تتحمل تعطيل بعض أجهزة حاسباتها، إلا أنها لا يمكنها تحمل الجاسوسية على مشاريعها ومعلوماتها، حيث أن تكلفة أجهزة الكمبيوتر لا يمكن مقارنتها بالخسارة التي قد تنجم عن ضياع بعض المشاريع الكبيرة والتي تقدر قيمتها في العادة بالملايين.

قضية جنائية

Landgerichtes Verden, Computervirus Sasser
مبنى المحكمة الجنائية في فيردين التي يحاكم فيها سفينصورة من: AP

تدور القضية الحالية في فيردين حول مخالفة جنائية وليس حول قضية مدنية، إذ تصل عقوبة المخالفة لما قام به سفين إلى 130 ألف يورو، إلا أنه يمكن المرافعة عن المخالفة. وقد يخرج الشاب المراهق من هذه المحاكمة بعقوبة وقف التنفيذ، إلى جانب أن القاضي والمدعي العام قد لا يرغبا بالإضرار بمستقبله العلمي وفرصه الوظيفية، حيث قامت العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات الألمانية بتقديم العروض المغرية للشاب المبرمج لـ(Sassa). ومهما كانت نتيجة المحكمة فإن الشاب المراهق سفين يسير الآن في الطريق السليم في مجال البرمجة وأنظمة حماية الحاسبات.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد