1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شبح الحرب الأهلية في اليمن ـ خطر داهم أم فزاعة في يد صالح؟

٢٣ مايو ٢٠١١

عقب رفض الرئيس اليمني علي عبدالله صالح التوقيع على المبادرة الخليجية سادت أجواء مشحونة وصلت إلى حد المواجهات المسلحة في قلب العاصمة اليمنية، فهل ينذر الوضع بالانزلاق نحو حرب أهلية قد يستغلها تنظيم القاعدة كما يحذر صالح؟

https://p.dw.com/p/11MJU
إجماع دولي على تحميل الرئيس صالح فشل التوقيع على المبادرة الخليجية.صورة من: dapd

بعد الانتكاسة التي تعرضت لها جهود الوساطة في اليمن مع رفض الرئيس علي عبدالله صالح التوقيع على المبادرة الخليجية، تصاعدت، بحسب بعض المحللين، احتمالات انزلاق البلاد إلى أتون العنف وذلك في ظل معطيات قبلية وعسكرية وسياسية معقدة وانتشار واسع للسلاح. وقد شهدت العاصمة اليمنية صنعاء الاثنين توترات وتحركات عسكرية وشبه عسكرية وصلت إلى حد المواجهات بين قوات حكومية ومسلحين تابعين لزعيم قبيلة حاشد أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. وتلقي هذه الأوضاع المشحونة بمزيد من الشكوك على احتمالات التوصل إلى حل سياسي للازمة المستمرة منذ ثلاثة أشهر حيث يطالب متظاهرون يتزعمهم شباب بإنهاء حكم صالح المستمر منذ 33 عاما.

وكان صالح قد حذر من تنامي خطر تنظيم القاعدة إذا اجبر على التنحي، كما وجه انتقادات شديدة اللهجة للمعارضة وحملها مسؤولية انهيار الاتفاق وإمكانية أن تنجر البلاد إلى حرب أهلية، هو ما اعتبرته المعارضة "إعلان حرب"، و" دفع الأمور نحو العنف"، لكنها أكدت أنها " تنزلق أبدا إلى العنف"، وفقا لتعبير المتحدث باسم تكتل "أحزاب اللقاء المشترك" المعارضة.

الضغوط الخارجية على صالح غير كافية

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عمد إلى التلويح وباستمرار بكابوس الحرب الأهلية في حال حمله على ترك السلطة، مقدما نفسه كضمانة لاستقرار البلاد. فهل يتعلق الأمر بمجرد فزاعة يوظفها للحفاظ على السلطة، أم أن هذا الاحتمال وارد فعلا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البنية القبلية في اليمن وهشاشة السلطة المركزية؟ في حوار له مع دويتشه فيله لم يستبعد الخبير الألماني في الشؤون اليمينية آخيم فوجت سيناريو الحرب الأهلية، لكنه ربطه بانهيار مؤسسات الدولة اليمنية أكثر من ربطه بقوة تنظيم القاعدة في الساحة اليمنية.

في أول رد فعل لهم على تنصل صالح من توقيع اتفاق نقل السلطة، تدفق آلاف المتظاهرين في كافة أنحاء البلاد مستنكرين "التهديد بالحرب الأهلية" معتبرين أن هذا الاحتمال لا أساس له من الصحة. إلا أن آخيم فوجت حذر في حواره مع دويتشه فيله، من "انفلات الوضع خاصة في العاصمة صنعاء، إذا لم يتم استدراك الأمر بسرعة، وإذا لم يتم التوقيع على الاتفاق الذي يشرف عليه مجلس التعاون الخليجي". ويرى الخبير الألماني أن على هذا المجلس بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات ملموسة لحث صالح على التنحي.

Flash-Galerie Unruhen Syrien Jemen
المعارضة اليمنية تقول أن التلويح بالحرب الأهلية مجرد فزاعة في يد صالح.صورة من: picture alliance/dpa

وفي سياق متصل ندد بيان لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين في بروكسل "بتراجع الرئيس اليمني أكثر من مرة عن توقيع المبادرة الخليجية"، داعين صالح إلى التخلي عن السلطة "على الفور". وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون بعد الاجتماع "الرئيس صالح يعلم جيدا ما عليه أن يفعل". وهدد البيان بأن دول الاتحاد الأوروبي "ستراجع سياساتها نحو اليمن".

أما الولايات المتحدة فعبرت عن استيائها من موقف صالح، على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قالت في بيان "إن الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل شديدة إزاء رفض صالح المستمر للتوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي". من جانبها قالت باريس "إذا استمر الرئيس صالح في رفض احترام التزاماته فإن فرنسا مستعدة للتعامل مع العواقب إلى جانب الاتحاد الأوروبي وشركائها الأوروبيين."

لكن هذه اللهجة الحادة للمسؤولين الأوربيين والأمريكان إزاء صالح ليست سوى مجرد "إشارات كلامية" لا ترقي لدرجة الضغط الذي قد يدفع صالح لتغيير موقفه، كما يقول آخيم فوجت. فحتى دول مجلس التعاون الخليجي أكتفت بتعليق مبادرة الوساطة كرد فعل على رفض الرئيس صالح التوقيع عليها، وهي خطوة يرى فيها العديد من المراقبين أنها قد تعني على المدى المنظور عودة أطراف الأزمة إلى المربع الأول في أحسن الأحوال، أو انزلاق البلاد إلى فوضى شاملة حسب السيناريوهات الأكثر تشاؤما.

صالح المراوغ الأبدي

وعمد صالح طوال فترة المفاوضات مع المعارضة على تقديم شروط جديدة، كل مرة، للتوقيع على المبادرة الخليجية. واشترط أخيرا أن توقعها المعارضة معه في القصر الجمهوري، وذلك بعدما وقع قادتها عليها ضمن ترتيب قالت المعارضة إنه تم بالاتفاق مع الوسيط الخليجي. وهذا ما دفع الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني إلى مغادرة صنعاء من دون الحصول على توقيع صالح، وذلك في ظروف دراماتكية بعد أن تم إجلاؤه بمروحية من مبنى السفارة الإماراتية حيث كان محاصرا مع سفراء واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي من قبل مسلحين موالين للرئيس صالح. ويرى الخبير الألماني آخيم فوجت ضرورة "فرض عقوبات على اليمن حتى يفهم الرئيس صالح أن هذا النوع من التكتيك لن يكون مجديا على المدى البعيد".

إلا أن هامش المناورة بدأ يتقلص لدى صالح، وبدا على المستوى الدولي معزولا أكثر من أي وقت مضى، فيما على تتزايد موجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله وبإسقاط النظام. فهلاري كلينتون قالت إن صالح أصبح الآن "الطرف الوحيد الذي يرفض قبول مبادرة الوساطة الخليجية. وأضافت "نحضه على تنفيذ فوري لالتزاماته المتكررة، بنقل سلمي ومنظم للسلطة وضمان تلبية الرغبة المشروعة للشعب اليمني"، مضيفة "لقد آن الأوان للتحرك". كما نددت المسؤولة الأمريكية بمحاصرة الموالين لصالح للسفارة الإماراتية في صنعاء، إلا أن واشنطن أعلنت مع ذلك اليوم بأن فرصة التوقيع على المبادرة الخليجية لا تزال متاحة أمام الرئيس الصالح.

Jemen Demonstration gegen die Regierung Flash-Galerie
آخيم فوجت يحذر من انهيار بنى الدولة اليمنية الهشة أصلا، لكن يعوِّل على الجماهير لحسم الموقفصورة من: picture alliance/dpa

انهيار الدولة وخطر القاعدة

وبالإضافة إلى التخويف بمخاطر الحرب الأهلية يلوح صالح بشبح آخر، ألا وهو إمكانية سيطرة تنظيم القاعدة على البلاد، باستغلاله للفراغ الأمني والسياسي الذي قد يتمخض عن مغادرته للسلطة، إلا أن الخبير الألماني فوجت يقلل من هذا الاحتمال، وإن لم يستبعده تماما بقوله: "القاعدة لوحدها لا تشكل من وجهة نظري، تهديدا على استقرار البلاد. بالعكس لدي انطباع أن الرئيس صالح يوظف خطر القاعدة للحصول على امتيازات مالية وعسكرية من قبل الغرب".

وأوضح فوجت أن القاعدة برهنت خلال الفترة الأخيرة على قدرتها على السيطرة، أحيانا عسكريا، على بعض الأقاليم أو جزءا منها، لكنه أكد أن هذا التنظيم غير قادر على القيام بذلك لوحده "وإنما دائما بالتعاون مع القبائل المتواجدة هناك". ويرى فوجت أن الخطر الأكبر الذي يتهدد اليمن في الوقت الراهن، هو سيناريو انهيار بنى الدولة اليمنية الضعيفة أصلا. احتمال قد يتحقق إذا عجزت أطراف النزاع في الوصول إلى مخرج سلمي للأزمة. وأضاف فوجت بهذا الصدد "إذا انهارت الدولة اليمنية، فلا يمكن استبعاد أن تتقوى القاعدة، ما قد يشكل آنذاك تهديدا لاستقرار البلاد".

ويرى الخبير الألماني أن تطور الوضع في العاصمة صنعاء سيكون محددا لمآل الصراع بين الرئيس صالح والمعارضة اليمنية، مميزا بين "العاصمة وباقي مدن البلاد، كصعدة وتعز وعدن وغيرها، ولكن أيضا المناطق القروية". وأوضح أن "الرئيس يراوغ لأن له الكثير من المؤيدين نسبيا، في العاصمة، وهو يوظف ذلك للضغط على المعارضة". واستطرد آخيم فوجت أن المعارضة تتمتع بالأغلبية العددية في البلاد معربا عن أمله في أن "يتمكن الشارع من حسم الوضع بسرعة ومن تم تفادي حرب أهلية وانهيار تام للدولة".

حسن زنيند

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد