1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حين اضطررت إلى استبدال الجينز بثياب الإحرام

١٥ نوفمبر ٢٠١٠

في هذه الحلقة من يومياته يسرد مندوب دويتشه فيله إلى موسم الحج، على المخلافي، المواقف المثيرة والقصص الغريبة التي صادفته وهو في طريقة إلى مكة وكيف نظر له الحجاج أثناء الرحلة وعامله موظفو المطار، مما اضطره لتغيير ملابسه.

https://p.dw.com/p/Q8gC
بداية الرحلة كانت من مطار فرانكفورتصورة من: DW/Almakhlafi

أخيراً أنا في مكة! وصلت اليوم في التاسع من شهر ذي الحجة 1431 هجري، (15 نوفمبر/ تشرين الثاني) إلى المدينة المقدسة، وكلي رغبة واشتياق لمشاهدة الحجاج وهم يصعدون على جبل عرفات لأداء الصلاة، ومن ثم سماع تكبيراتهم، مستقبلين عيد الأضحى في منى.

ولكن، على عكس ما كان مخططا له، كان علي أن أستبدل ملابسي المفضلة (قميص البولو وسروال الجينز)، التي جئت بها من ألمانيا، وأرتدي ملابس الإحرام. صحيح أني جئت إلى مكة كصحفي لتغطية موسم الحج، لكني لا أريد الآن أن أبدو وسط هذه الجموع مختلفا عنهم فهذا يجلب لي المصاعب، وسأرتدي من هذه اللحظة ملابس الإحرام.

"حقائبي وصلت قبلي"

يمكنكم تصور الشعور الذي انتابني وسط فوق الحجاج المحرمين والحالقين لرؤؤسهم وأنا الوحيد بينهم حالق الدقن والشوارب ومرتدياً ملابس عادية وحاملا عدة العمل الصحفي. هذا الشعور بدأ ينتابني منذ بداية الرحلة عندما كنت في مطار فرانكفورت. فكل الذين كانوا معي على متن الطائرة كانوا يرمقونني بنظراتهم الممتزجة بشي من الاستغراب. وحتى عند وصولي إلى مطار جدة، لم يصدق موظفو المطار ـ بسبب هيئتي ـ بأني فعلا ضمن مجموعة الحجاج القادمين والذين يحملون تأشيرة دخول خاصة بالحج، فأرسلوني إلى صالة أخرى غير الصالة الخاصة باستقبال الحجيج، فقط حقائبي كانت أفضل حظا مني، فوصلت مع حقائب الحجاج الآخرين إلى صالة استقبال الحجيج، لكن ذلك حدث لأني وضعت عليها اللاصق الخاص بالحجاج، الذي يجب على كل حاج وضعه على حقائبه.

Hadsch Pilgerfahrt nach Mekka
حقائبي وصلت إلى المكان الصحيح لكنهم أرسلوني إلى مكان أخرصورة من: DW/Almakhlafi

لقد وجدت نفسي فجأة في صالة أخرى بين أناس لا علاقة لهم بالحج؛ سياح ورجال أعمال وغيره. على كل حال، استغرق الأمر نحو ساعة من التأخير. وعند منتصف الليل، ركبت آخر حافلة تؤدي إلى جناح استقبال الحجاج، فاستقللتها وكنت بطيعة الحال الراكب الوحيد في مثل هذا الوقت.

أمريكي في طريقه إلى الحج

ما حدث لي، أنا العربي المولد، لم يحدث لـ "جاك" الأميركي. وجاك هذا ( تم تغير الاسم) أعتنق الإسلام منذ بضع سنوات. التقيته في مطار فرانكفورت الدولي، فقد دفعني ارتدائه لملابس الحج البيضاء اللون أيضا إلى سؤاله عن شعوره وهو يرتدي هذه الملابس. فالحق يقال، كان الأمر غير معتاد بالنسبة ليَ، فلم أعتد على رؤية رجل غربي بملابس شرقية، لا بل بملابس الحج. فعادة يرتدي الغربيون أزياء كهذه في المهرجانات التنكرية والكرنفالات. ولم أكن الوحيد المستغرب من ملابس "جاك" بل كان هناك آخرون أيضا؛ ويشعر جاء بذلك: "أستطيع أن أشاهد الاستغراب في عيون الناس هنا"، كما يقول. ولكن صاحبنا " جاك" لا يعير أي اهتمام لنظرات الناس إليه، بل إنه يشعر بالراحة لارتدائه ملابس الحج، إذ يقول:" ملابس الحج هذه مريحة وبسيطة جداً، وهي تشير إلى أنه لا فرق في الإيمان بين غني أو فقير، أسود أو أبيض ...الخ"، قالها "جاك" بلكنة أميركية واضحة.

Hadsch. Pilgerfahrt nach Mekka
مطهري لم يقنع أحدا بأني أوني الذهاب إلى إلى الحجصورة من: DW/Ali Almakhlafi

في الطائرة ـ حجاج يشاهدون أفلاما عاطفية!

خلال الرحلة إلى جدة لاحظت أشياء ملفتة للنظر، منها أن أغلب المسافرين على متن الطائرة يشاهدون قناة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية. والبعض الأخر، وهم الأقلية، يشاهد أفلاما أمريكية تتضمن مشاهد عاطفية هي (في نظر الغربيين) عادية. أما مضيفات الطائرة فيرتدين جميعهن الحجاب، ولا يتحدثن مع المسافرين العرب سوى بالإنجليزية.

Hadsch Pilgerfahrt nach Mekka
مضيفات الخطوط الجوية السعودية، يرتدين الحجاب ويتكلمن الانكليزية مع الضيوف العربصورة من: DW/Almakhlafi

كثير من الرجال الملتحين، الذين بدو لي في الوهلة الأولى وكأنهم متشددين ومحافظين وجادين، فقد قضوا معظم وقت الرحلة في اللعب مع أطفالهم، كآباء لطيفين وأزواج طيبين، يتحدثون مع زوجاتهم المحجبات بشكل غير مبالغ فيه ويقفون إلى جانبهن ولا يبخلون عليهن بالمشورة أثناء شرائهن أدوات التجميل (ميك أب) في السوق الحرة في مطار فرانكفورت الدولي.

حج غير المسلمين إلى مكة

والآن، و قبل أن أذهب لتغير ملابسي "المدنية" وأرتدي ثياب الإحرام كما ذكرت من قبل، أحب أن اشكر القراء الذين علقوا على الحلقة السابقة من يومياتي على صفحات الفيس بوك الخاصة بـدويتشه فيله باللغات العربية والألمانية والانجليزية وتمنوا لي رحلة سعيدة.

Hadsch Pilgerfahrt nach Mekka
في الطائرة حيث يتفرج بعض الحجاج على الأفلام الأمريكيةصورة من: DW/Almakhlafi

ولأني وعدتكم أن أجيب على استفساراتكم، التي تبعثون لي بها من خلال صفحة الفيسبوك، فأود هنا الإجابة بصفة خاصة على سؤال وجهه لي بصفة شخصية الصديق "هانز يوسف أيرنست" من ألمانيا والذي قال فيه: " أنا مسيحي وأريد أن أشارك في المراسم الدينية مع أصدقائي المسلمين في مكة. هل تعتقد أن هذا الأمر سيكون ممكناً في المستقبل؟"

عزيزي هانز يوسف، في الحقيقة لا استطيع الإجابة بشكل قاطع على سؤال كهذا، لكن على حد علمي وفهمي لا يوجد نص واضح في القرآن يمنع دخول غير المسلمين إلى مكة، ولكن هذا الأمر قابل للتأويل أيضاً. فحسب وجهة النظر السعودية، فإنه ممنوع دخول غير المسلمين إلى الأراضي المقدسة. أحد رجال الدين هنا في مكة أجابني على سؤالك بالقول: "ينبغي القبول بهذا الأمر من قبل غير المسلمين، مثلما ينبغي على المسلمين في أوروبا احترام القوانين والدساتير الأوربية. ولا يجب بأي شكل من الأشكال أن يفهم هذا على أنه نوع من الاحتقار أو عدم الاحترام لغير المسلمين".

إن هناك آراء مختلفة بين رجال الدين المسلمين حول قضية المنع هذه. وبالمناسبة كان الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي لا يتمتع أصلا بعلاقات طيبة مع الغرب، قد طالب قبل نحو خمس سنوات بأن يتم السماح للمسيحيين واليهود بدخول مكة، إلا أن رأيه هذا لم يجد لغاية الآن أي صدى يذكر.

على المخلافي

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد