1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تركيا والثورات العربية ـ سياسة الكيل بمكاييل المصالح

٧ أبريل ٢٠١١

اتخذت الحكومة التركية مواقف متباينة جداً من التحولات الجارية في الدول العربية. ففيما دعم رئيسها رجب طيب أردوغان التطلعات الديمقراطية للمصريين، اتسمت مواقفه بالحذر إزاء انتفاضة ليبيا وبالتحفظ تجاه الاحتجاجات في سورية.

https://p.dw.com/p/10oKb
تركيا تسعى إلى لعب دور في الجوار العربي، لكن سياستها تبقى محكومة بعامل المصالح

كان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان من أوائل من سحب ثقته في الرئيس المصري حسني مبارك وطالبه بالاستقالة. ودعاه قبل ذلك إلى الاستماع إلى المطالب المشروعة لشعبه وتنفيذ الإصلاح الذي يطالب به، وذكّره أيضا بأنه في عالم اليوم لا أحد قادر على عرقلة إقرار الحقوق والحريات أو تجاهلها.

الموقف التركي من ليبيا اختلف عن مصر

لكن موقف أردوغان هذا تغيّر عندما انتقل الأمر إلى ليبيا، وبقيت ردود فعله على المظاهرات الشعبية التي اجتاحت الشوارع والمدن حذرة لفترة طويلة. ويعود السبب بالدرجة الأولى إلى العلاقات الاقتصادية الوثيقة القائمة بين تركيا وليبيا، حيث تبني شركات تركية منذ سنوات مصانعا، وطرقا، ومناطق سكنية، ومجمعات للتسوّق ضخمة.

وفقط عندما تحولت المظاهرات إلى حرب أهلية دامية واضطرت تركيا إلى إعادة عشرات الآلاف من مواطنيها من ليبيا بدأ المرء في أنقرة يطالب القذافي بالرحيل. ولا عجب في ذلك، إذ أن الأمر يتعلق بصفقات تبلغ مليارات عدة، ما يفسر الموقف الدبلوماسي المضطرب الذي مارسته أنقرة. فمن جهة لا تزال الحكومة التركية تحافظ عن طريق السفارة التركية في طرابلس على قناة اتصال مع نظام القذافي، ومن جهة أخرى تشارك كعضو في الحلف الأطلسي في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي ضد القذافي. وإذا كانت تركيا لا تشارك في الضربات الجوية فإنها تقدّم المساندة العسكرية ـ اللوجستية لعملية "فجر أوديسا".

التردد التركي إزاء أحداث سورية كان أوضح

وبالنسبة إلى التحرك الديمقراطي في سورية ظهر التردد التركي بصورة أوضح. وأبدى رئيس الحكومة أردوغان انتقادات حذرة جدا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد قائلا إن أمله الكبير يتمثل في أن لا يجري في سورية ما جرى في ليبيا مضيفا أن القلق سيكون كبيرا في حال حصول ذلك. وصيغ الكلام هذا بصورة دبلوماسية جدا. وتفسيره أنه إذا استمر وضع سورية في التأزم وتطور العنف فيها سيعني ذلك كارثة سياسية واقتصادية لتركيا. سياسيا لأن ذلك سيفرض اتخاذ موقف واضح بين مواصلة العلاقة مع الأسد أو الوقوف إلى جانب الشعب السوري وحركته الديمقراطية.

وعلى المستوى الاقتصادي فان عدم استقرار سورية سيعني كارثة لتركيا التي لها، كجارة لسورية، علاقات أوثق معها مما هو الأمر مع ليبيا. ومنذ سنوات وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموا مضطردا، ويوجد منذ عام 2007 اتفاق تجارة حرة بينهما.

أنقرة تدعم الإصلاحات في سوريا

ولهذا السبب أيضا يسعى أردوغان لممارسة ضغط ناعم على حاكم دمشق، وتحادث في الأيام الأخيرة مرات عدة مع الرئيس الأسد ونصحه بأن يرد على مطالبات شعبه بتنفيذ إصلاحات سياسية. وقال الخبير في المركز القومي التركي للدراسات الإستراتيجية عثمان باهادير دينشر إن تركيا "تريد حصول تحول سلس في سوريا وليس تحولا تلفه الفوضى". وأضاف أن لأنقرة منذ عام 2000 علاقات وثيقة مع الحكومة السورية، و"إذا تمكن الرئيس الأسد والقيادة معه من تحقيق إصلاحات في البلد من تلقاء أنفسهم فسيسمح ذلك بحصول عملية انتقال وتحوّل في البلد دون وقوع اضطرابات كما في ليبيا".

وللتأكيد على خصوصية العلاقات بين أنقرة ودمشق لاسيما في الظروف الحالية زار وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو سوريا الأربعاء (6 أبريل/ نيسان). وأكد خلال لقاءه بالرئيس السوري بشار أن بلاده تدعم الإصلاحات التي بدأتها سوريا، مؤكدا استعداد أنقرة "لتقديم كل مساعدة ممكنة من خبرات وإمكانيات لتسريع هذه الإصلاحات بما يساهم في ازدهار الشعب السوري وتعزيز أمنه واستقراره"، كما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية (سانا).

لكن ثمة علامة استفهام حول ما إذا كان ممكنا بالفعل تأمين تحوّل سلس في سوريا. ولا تبدو سورية في مرحلة يمكن أن تتحقق فيها إصلاحات جذرية، ومن ثم فإن الدعم التركي لنظام دمشق قد لا يفيد كثيراً.

شتيفن فورتسل/اسكندر الديك

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد