1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المرأة العربية بين التغييب والمشاركة الفاعلة

يحتفل العالم اليوم 08 مارس/آذار ومنذ عام 1914 بيوم المرأة العالمي. هذا الحدث يطرح تساؤلات حول دور المرأة العربية اليوم وإمكانية مشاركتها الفاعلة في إرساء مجتمع عربي حديث يملك القدرة على مواجهة تحديات عصر العولمة.

https://p.dw.com/p/6LPA
الاحتفال بيوم المرأة العالمي في بغدادصورة من: AP

لا يعتبر يوم المرأة العالمي مناسبة للتبجيل والاحتفاء بإنجازات المرأة، بل أن غايته الحقيقية تكمن في الدفاع عن حقوقها والتذكير بالناشطات الأوائل اللواتي ساهمن مساهمة فعالة في تحرير المرأة من براثن العبودية والاستغلال. فهذه الحركة النسوية التحريرية رأت النور في شهر أغسطس/ آب في عام 1910 عندما قررت 100 امرأة من سبعين دولة مختلفة إحياء يوم خاص ذي طابع عالمي للمرأة، يتم الاحتفال به كل عام في جميع أنحاء العالم. وجاء هذا القرار الذي اتخذته ناشطات في مؤتمرهن الثاني في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ليطالب "بـالتسريع بمنح المرأة حق الانتخاب"، الأمر الذي مثل خطوة حاسمة في مشوار المرأة الطويل للوصول إلى العدل والمساواة. أما بداية الاحتفال رسمياً وعالمياً بهذه المناسبة لأول مرة فكان في الثامن من شهر مارس/ آذار في عام 1914 وهو اليوم الذي بدأت فيه عاملات النسيج في نيويورك إضرابهن عن العمل من أجل المطالبة بحقوقهن.

اختلاف حول دور المرأة

Frauentaxi in Qom
أول سائقة تكسي في ايرانصورة من: AP

وفي غمرة هذه الاحتفالات يصعب تجنب طرح السؤال التالي: إذا كانت المرأة العربية وعلى مر العصور قد أثبتت قدرتها وقابليتها على العمل لخدمة مجتمعها، فهي كانت طبيبة وشاعرة وسياسية وملكة، فما الذي يمنع مشاركتها الفاعلة الآن، بصفتها نصف المجتمع، في كافة مرافق الحياة وميادين المجتمع؟ وعلى الرغم من أن معظم الفقهاء المسلمين يتحفظون على أهلية المرأة لممارسة العمل السياسي، ويستند الكثير منهم في حكمهم على أحاديث نبوية متناقضة المعنى ومختلفة السياق وضعيفة الاسناد، إلا أن حقائق التاريخ تناقض أحكامهم، كما أنه لا توجد أسباب عقلانية يمكن من خلالها تبرير تهميش المراة ومنعها من ممارسة حقوقها الأساسية. وفي غضون ذلك ترى الباحثة هبة رؤوف عزت، المدرسة المساعدة للعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن معالجة هذه القضية لا تنفصل عن مسألة التجديد الكلي للفكر الإسلامي المعاصر وذلك لتحقيق نوع من المزاوجة الضرورية بين روح الإسلام ومتطلبات الحياة العصرية.

تفاوت كبير في دور المرأة في الدول العربية

Rakia Al Gassra
العداءة البحرانية رقية الغسرةصورة من: AP

لا شك أن انعقاد قمة المرأة العربية، وما سبقها من منتديات ولقاءات، تمثل خطوات طموحة لخلق وعي اجتماعي شامل في العالم العربي بضرورة تفعيل دور المرأة. الجدير بالذكر في هذا السياق هو التفاوت الكبير بين الإمكانيات المتاحة للمرأة لممارسة حقوقها على أرض الواقع في الدول العربية. فعلى سبيل المثال لا الحصر إن هذا الموضوع غير مطروح بتاتا على الأجندة السياسية في تونس لأن المرأة التونسية وصلت إلى درجة عالية من المساواة تضاهي الدول الأوروبية بعينها، فلا سبيل للمقارنة مع الدول العربية الأخرى، خصوصا في دول الخليج العربي التي يميل المجتمع فيها إلى التدين والمحافظة، وهو ما تجسده المملكة العربية السعودية تجسيداً مخيباً للأمال حيث لا يُسمح للنساء فيها بقيادة السيارات ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، ناهيك عما يعرف بـ "ختان البنات" في بعض المناطق في مصر والسودان، وهي ظاهرة تجسد اعلى درجات الاحتقار للمرأة كانسان.

عقلية ذكورية سلطوية في إطار ديني

Wahlen in Irak Plakat in Bagdad mit Galeriebild
نساء عراقيات أمام احد المراكز الانتخابيةصورة من: AP

لعبت المرأة العراقية دوراً طليعياً شجاعاً في إنجاح أول انتخابات شهدها العراق خلال الخمسين عاما الماضية. فالقليلون من المراقبين للوضع السياسي في عراق ما بعد صدام يعرفون أن نسبة النساء العراقيات اللاتي شاركن في الانتخابات العراقية كانت اكبر من نسبة الرجال،كان هذا برغم التهديدات والانفجارات. ولم تكتف النساء العراقيات بالمشاركة، بل شجعن الرجال بحزم للذهاب إلى الانتخابات، وذلك تحدياً لكل من لا يؤمن بحق الانسان في اختيار ممثليه في اية سلطة ومن لا يؤمن بمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان الأساسية. إن المرأة العراقية لعبت دورا لا بأس به في الحياة السياسية العراقية، وحصلت في الانتخابات الأخيرة على أكثر من 33% من مقاعد الجمعية الوطنية.

Frauenfußball im Iran
لاعبات كرة قدم في ايرانصورة من: AP

وفي الواقع يتم صياغة الوصاية على المرأة العربية في المجتمعات العربية، من أجل الحلول دون حصولها على حقوقها، في إطار ديني أو في إطار يدعي حماية "العادات والتقاليد". المحزن في هذا السياق هو أن هذه المعايير صيغت من منظور عقلية ذكورية سلطوية تخشى خطر فقدان إمتيازاتها الاجتماعية. كما أن التمثيل النسوي الذي تسمح به بعض الحكومات العربية لا يمثل إلا محاولة لذر الرماد في العيون. فلكي تكون للمرأة مشاركة حقيقية في المجتمع، لا بد أن يتنازل الرجل عن إمتيازاته من أجل بناء توازن بناء في العلاقة بين الجنسين.

الامل بهبوب رياح التغيير

Demonstration in Berlin gegen Kopftuch Verbot in Frankreich
حتجاجات نسائيةصورة من: AP

لا شك أن المرأة العربية خطت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة للوصول إلى حقوقها الأساسية، لكن هذه الخطوات لا تؤهلها للمشاركة بقوة في عملية اتخاذ القرارات السياسية، كونها لم تحظ بعد بثقة المجتمع كله، وكون البنية المؤسساتية لا تزال في مرحلة تطورها البدائي. وما ينبغي التشديد عليه أخيراً هو أن إرساء مكانة المرأة العربية ودورها الفعال شرط أساسي لتقدّم المجتمعات العربية وقدرتها على مواجهة تحديات عصر العولمة، فمن يستطيع إدارة أسرة بكل تعقيداتها واختلاف أفرادها قادر حتما على إدارة مجتمع بنجاح ونزاهة.

لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد