1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصحراء والإرهاب يهددان كنوز شنقيط الثقافية

١٥ يوليو ٢٠١٠

تحتوي مكتبات شنقيط بموريتانيا على كم كبير من المخطوطات النادرة يعود بعضها إلى أكثر من ألف عام. إلا أن خطر الإرهاب والتغير المناخي تهدد المدينة وما تحويه من نصوص مقدسة رغم وضعها على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

https://p.dw.com/p/OJZw
تمتاز مدينة شنقيط بمكتباتها الخاصة التي تضم آلاف المخطوطات النادرة، وهي لهذا السبب على لائحة التراث العالمي لليونسكوصورة من: picture-alliance/Godong

تحتوي مكتبات شنقيط القديمة، الواقعة في قلب الصحراء الكبرى، على مخطوطات يعود أقدمها إلى ألف عام، قسم كبير منها مكتوب على جلود الغزلان. لكن ورغم الاهتمام العالمي بهذه المخطوطات، ورغم وضع اليونسكو للمدينة على لائحة التراث العالمي، إلا أن المكتبات في وضع يرثى له، فإلى جانب الرمال وعدم حفظ المخطوطات في ظروف ملائمة، تأثرت المكتبات الخاصة والمدينة بتراجع عدد السياح بعد تنامي خطر الإرهاب. فهل تفقد موريتانيا قلبها الثقافي ويفقد العالم مكتبة فريدة من نوعها؟

كانت واحة شنقيط وحتى عهد قريب مركزا تجاريا ومحطة للقوافل في الصحراء الكبرى، كما كانت نقطة للحجاج ينطلقون منها إلى مكة المكرمة. ولدى عودتهم يحملون معهم من البلدان الأخرى كتب التفسير والحديث والسيرة النبوية واللغة والعلوم الأخرى، التي أودعوها في مكتبات شنقيط.

الإرهاب عدو السياحة الثقافية

يتولى المعلم سيف الإسلام مهمة الإشراف على مكتبة تابعة لمؤسسة مولاي أحمد محمود التي تضم أكثر من سبعة آلاف كتاب ومخطوط جمعتها العائلة أبا عن جد من العصور الوسطى وحتى يومنا هذا. تم ترميم المبنى الحجري للمكتبة بمساعدة خارجية، إلا أن عمدة المدينة محمد ولد عمارة يشكو من نقص التمويل لتنظيف الكتب والمخطوطات مما علق بها من الغبار والرمال. فمنذ الهجمات الإرهابية في عامي 2008 و 2009 فقدت المدينة مصدر دخلها الرئيسي بابتعاد السياح عنها، كما يقول" لقد طورنا سياحة ثقافية واستثمرنا الكثير في الفنادق، لكنها الآن خالية. واقتصاد شنقيط يعتمد أساسا على السياحة الثقافية، لكن ومنذ تلك الهجمات لا يزورنا سوى 3 إلى 5 بالمائة من السياح قبل الهجمات".

أي بدلا من 100 سائح يأتي الآن ثلاثة سياح أو خمسة إلى شنقيط، فالتحذيرات التي أصدرتها الدول الغربية من احتمال وقوع أعمال إرهابية وإلغاء رالي باريس داكار وعمليات اختطاف سياح أجانب، قضت على السياحة في منطقة الصحراء الكبرى.

مخطوطات على جلد الغزال

Chinguetti historischer Handelsposten in der Region Adrar im Nordwesten von Mauretaniens
زحف الصحراء يهدد مدينة شنقيط التاريخية في ولاية أدرار الموريتانيةصورة من: cc-by Francois COLIN-sa2.5

لذا يبدو عمدة المدينة حائرا حين يفكر في التحديات الاقتصادية التي تواجه المدينة، والتي تقف عاجزة أمام زحف الرمال عليها وانهيار أسطح بيوتها من ثقل الرمال. وفي الوقت نفسه لا يملك معظم سكان المدينة البالغ عددهم 1500 نسمة المال الكافي لبناء بيوت جديدة، فيرحلون عنها هربا من التغير المناخي الذي يحول الواحة إلى صحراء، كما يقول محمد ولد عمارة" لم نعرف ظاهرة التصحر بهذا الشكل في الماضي. كانت واحة النخيل تمتد على طول 32 كيلومترا، أما اليوم فقد زحفت الصحراء إلى بعد كيلومتر واحد فقط. ولا شك أن التصحر ناجم عن تغير المناخ وما يرافقه من ارتفاع في درجات الحرارة وجفاف الينابيع، هذه ظاهرة جديدة تفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية".

ولدى سؤاله عن استخدام المعدات كالجرافات مثلا لإزاحة الرمال، يهز العمدة كتفيه ويقول" طبعا يمكن فعل الكثير، لكن الأمر يتوقف على الإمكانيات المتاحة. فيمكن مثلا تطوير الواحات وزراعة أشجار نخيل جديدة أو حفر آبار لتوفير المياه كما يمكن تسييج المنطقة لحمايتها من زحف الرمال، لكن وكما ذكرت فالأمر متعلق بالإمكانيات المادية"

الحفاظ على شنقيط وعلى ما تحويه من كنوز أثرية ومخطوطات يمكن أن يجعل منها قبلة للسياحة الثقافية, فمكتبة مولاي أحمد تحتوي على مخطوط عن أركان الإسلام كتب على جلد غزال وعمره أكثر من ألف عام. ويقول أستاذ المدرسة الابتدائية سابقا سيف الإسلام والمشرف على المكتبة: "لدينا مخطوطات مكتوبة على جلود الغزلان، والنمل الأبيض لا يهاجمها لأنها من الجلد".

الرمال تبتلع المدينة

Symbolbild Terrorismus KARTE AFRIKA Mauretanien mit der Hauptstadt Nouakchott arabisch
يمثل الإرهاب تهديدا حقيقيا لموريتانيا ودول الصحراء الكبرى المجاورة.

لكن وإذا سلمت الجلود من النمل الأبيض، فإنها لن تسلم من الرمال والغبار والرطوبة التي تهددها إذا لم تحصل شنقيط على مساعدات من الدولة. وفي العاصمة نواكشوط يتولى البروفيسور كاني اليماني مسؤولية مكتبات شنقيط، لكنه لا يعرف حتى عدد المكتبات الخاصة بالضبط ويقدرها باثنتي عشرة أو خمس عشرة مكتبة، وهو أيضا يقف عاجزا أمام تهديد عوامل الطبيعة للمخطوطات لأنه لا يملك المال لإنقاذها "لا نعرف حجم المبلغ المطلوب، لذلك سوف نشكل لجنة لتقدير المبلغ. ولا نعرف شيئا عن المبلغ المخصص لمكتبات شنقيط هذا العام، لذلك، وللأسف، سنترك كل شيء على حاله".

أما شيخ "الطريقة" عبدالله ولد بنو والبالغ من العمر ثمانية وثمانين عاما والمشهور بنبوءاته فيقول "هنا ولدت وهنا عشت عمري كله، والرمال كانت دائما موجودة وستبقى هنا مهما فعلنا ضدها حتى تبتلع شنقيط في يوم من الأيام".

ومع شنقيط ستبتلع الرمال تراثا بشريا ومكتبات صحراوية ومخطوطات لا تعوض.

الكاتب: ستيفان إيلرت/ عبدالرحمن عثمان

مراجعة: هيثم عبد العظيم