1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الربيع العربي يدخل عامه الثاني وآفاق الدعم الأوروبي

٢١ يناير ٢٠١٢

مع دخول ربيع الثورات العربية عامه الثاني لا تزال السياسة الأوروبية غير واضحة، فهي تراوح بين التأييد المفتوح والواضح، وبين التصريحات الخجولة، التي لا تقدم سوى دعم معنوي للثوار. فمن أي منطلق تتعامل أوروبا مع الربيع العربي؟

https://p.dw.com/p/13njm
شبه وزير الخارجية الألماني الأحزاب الإسلامية بمثيلاتها المسيحية في أوروباصورة من: Photothek

الثورات الشعبية التي اجتاحت الدول العربية طوال العام الماضي فاجأت الدول الأوروبية، التي كانت تربطها ببعض الأنظمة الاستبدادية التي أسقطتها شعوبها علاقات جيدة، ودفعتها إلى إعادة النظر في سياساتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصاً تلك المتعلقة بدعم التحول الديمقراطي في هذه الدول. وبعد مرور عام على هذه الثورات، التي نجح بعضها وينتظر بعضها الآخر النجاح، لا يزال الاتحاد الأوروبي يحاول البحث عن حلول سياسية للتعامل مع تلك الدول، لاسيما وأن نتائج أول انتخابات نزيهة وحرة فيها أسفرت عن صعود حركات سياسية ذات توجه إسلامي إلى سدة الحكم، ما يحتم على أوروبا في المستقبل التعامل مع هذه الحركات.

آفاق التعاون الأوروبي مع دول الربيع العربي وسبل التعامل مع الحكومات التي ترأسها حركات إسلامية ناقشه برنامج "مع الحدث" الحواري، الذي تبثه قناة "دويتشه فيله عربية" في إطار متابعتها وتغطيتها لأحداث الربيع العربي. وفي هذا الصدد يعتبر الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، ميشائيل لودرز، أن الساسة الأوروبيين "كانوا يخشون في السابق الإسلام السياسي، إلا أن هذا تغير بعدما سمعوا اللهجة التي تتحدث بها الأحزاب التي وصلت إلى سدة الحكم، وهذا يدل على أنهم بدؤوا يدركون ما الذي يحصل في الدول العربية".

Ägypten Wahlen Wahlplakat in Kairo Mann
تواجه الحركات الإسلامية التي نجحت في الانتخابات عدة تحديات أهمها تنشيط الاقتصادصورة من: dapd

تحديات الإسلاميين في الحكم

ومن جانبه، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في تونس، رابح الخرايفي، أن السياسة الأوروبية تغيرت بشكل سريع لتواكب التغيرات التي تمر بها الدول العربية التي عاشت ثورات، إلا أنه أكد أن صعود الأحزاب الإسلامية المعتدلة واكبه "ظهور الذراع الآخر لهذه الحركات، ألا وهو التيار السلفي المتشدد، الذي بات يهدد الحريات في تونس وليبيا ومصر".

إلا أن الحركات الإسلامية التي تسلمت مقاليد الحكم في هذه الدول تواجه ما يمكن تسميته بالمشكلة، فالاقتصاد في دول مثل تونس ومصر يعتمد بشكل شبه تام على العلاقات التجارية مع أوروبا وعلى دعمها المالي أيضاً، ما يحتم على الإسلاميين مد يد التعاون إلى هذه الدول. ويؤكد عضو البرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي رالمعارض، غونتر غلوزر، أن على هذه الدول أولاً "أن تبني اقتصادها بنفسها، ونحن في أوروبا لن نفرض عليها شيئاً ... الاقتصاد وخلق فرص العمل والتعليم مواضيع مهمة، وهذا ما نلمسه خلال محادثاتنا مع الساسة في تلك الدول ... نحن نريد شراكة حقيقية معها".

لكن الخبير الألماني لودرز يعتقد أن الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها كثير من الدول الأوروبية قد لا تسمح لهذه بالدول بتقديم الدعم المطلوب لدول الربيع العربي، ويجبرها على التركيز أولاً على حل مشاكلها الخاصة. وهنا قد يلعب القطاع الخاص دوراً هاماً في تنشيط الاقتصاد العربي، بحسب لودرز، الذي يتابع بالقول إن "القطاع الخاص مفيد، إلا أن أوروبا والعالم العربي بحاجة إلى حوار، والشعوب العربية بحاجة إلى دعم مباشر. ولا ننسى أن الحكومات الأوروبية دعمت كل الدكتاتوريات العربية، وينبغي عليها الآن دعم الديمقراطيات الناشئة".

تأهيل الشباب العربي أهم من الدعم المالي

أما السياسي التونسي رابح الخرايفي، فيسأل أين الدعم الأوروبي؟ معتبراً أن الوعود التي تم الحديث عنها حتى الآن تصل في مجملها إلى 400 مليون، واصفاً هذا المبلغ بالضئيل "ويجعلني أشك في أن تصل هذه الأموال إلى خزينة الدول العربية، لأن إيطاليا واليونان أولى بهذه الأموال. وأرى أنه من الأفضل دعم قطاعات أخرى، مثل قطاع السياحة الهام في تونس، أو دعم الاستثمارات الأجنبية المباشر في دول الربيع العربي، إضافة إلى فتح الأسواق بين دول الربيع العربي والدول الأوروبية".

وإلى ذلك يضيف عضو البرلمان الألماني غلوزر أيضاً إمكانية تدريب وتأهيل الشباب العربي في الدول الأوروبية، خاصة في ألمانيا، من أجل رفع كفاءاتهم والمساهمة في إعادة بناء دول الربيع العربي بأيد عربية، حسب قوله. كما يحذر الخرايفي من أن يفهم الدعم الأوروبي على أنه تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، خاصة عندما يتعلق الأمر بدعم مؤسسات المجتمع المدني أو إعادة بناء القضاء أو الإعلام. ويضيف أن "هناك حاجة للخبرات الأوروبية، وخصوصاً الألمانية، في مجالات الإدارة والتأهيل، من أجل مكافحة الفساد والقضاء على الترهل الإداري في مؤسسات الدولة".

وبالنظر إلى صعود الحركات الإسلامية، يرى النائب غونتر غلوزر أن النظرة إلى هذه الحركات تختلف باختلاف الدول، معتبراً أن تقييم هذه الحركات "يبدأ بالنظر إلى برامجها السياسية، بالإضافة إلى تقييم ما يسير بشكل جيد وما يسير بشكل غير جيد في هذه الدول بعد فوز الإسلاميين، بالإضافة إلى تعاملهم مع أوروبا. أنا شخصياً أؤيد الحوار مع هذه الحركات".

EU will Ölimporte aus Iran stoppen Ölanlage in Mahshahr
يرى البعض أن الدعم الأوروبي مدفوع بمصالح اقتصادية، أهمها الموارد الطبيعية والنفطصورة من: picture-alliance/dpa

الدور الأوروبي بين المؤامرة والشراكة

موضوع الدعم الأوروبي لدول الربيع العربي كان مثار جدل بين مستخدمي صفحة "دويتشه فيله" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إذ تعددت الآراء حول تقييم الدور الأوروبي، ما بين من اعتبره "مؤامرة" من أجل الحصول على مصالح شخصية للدول الأوروبية، وبين الإثناء عليه.

وفي هذا الصدد يقول وليد شعبان أن "التغيير يجب أن يكون نابعاً من قلب الدول العربية نفسها، وإلا لن تستمر أي ديمقراطية. الأمر الذي لا ينبع منها سيكون عمره قصيرا وبنيانه ضعيفا، وستأخذ هذه الديمقراطية وقتها وبعد ذلك تنتهي". وفي مقابله يكتب المستخدم علي القيسي أن "أوروبا مطالبة بالسير بنفس الاتجاه الصحيح الذي سارت به بعد الثورة التونسية، ومساندة الشعوب الثائرة والمطالبة بالحرية والكرامة والقضاء على الفساد والنهب وتطبيق قوانين حقوق الإنسان المنصوص عليها دولياً".

وتعتبر المستخدمة سوسن مجادلة أن "التغيير ليس بالأمر السهل، فكل الشعوب العربية عاشت في استعباد على مر قرون متواصلة، وحياة من الظلم والقهر. حتى عندما نالت شعوبنا الانفصال عن الاستعمار، أنزلنا الحكام الجدد إلى الهاوية. لذلك فإن التعوّد على الحرية أمر يسبب لنا البلبلة في البداية. آمل أن يكون طريق الارتباك قصيراً".

ياسر أبو معيلق

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد