1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الإعلام الألماني يفتقر إلى الوجوه ذات الأصول الأجنبية

سونيا فالنيكار/ إعداد أمنية أسعد١٢ مايو ٢٠٠٧

يعتبر ظهور مقدمي البرامج ذوي الأصول المهاجرة على شاشات التلفزة العامة الألمانية أمراً نادراً، إلا أن الحكومة الألمانية بدأت في إدراك أهمية تغيير هذا الوضع في إطار جهودها الساعية لدمج الأجانب بشكل أفضل في المجتمع.

https://p.dw.com/p/AJI1
دنيا حيالي وجه جديد يظهر على شاشة تسد دي أف الألمانيةصورة من: picture-alliance/dpa

في نهاية شهر أبريل/نيسان كسرت المذيعة دنيا حيالي القاعدة المنتشرة في القنوات التلفزيونية الألمانية، والمتمثلة في نقص المذيعين ذوي الأصول المهاجرة في القنوات العامة بشكل كبير. فمقدمة الأخبار الألمانية ذات الأصل العراقي ستظهر قريباً على شاشة القناة الألمانية الثانية (تسد.دي.اف)، التي تعتبر واحدة من أهم القنوات الألمانية، لتشارك في تقديم النشرة الإخبارية الرئيسية بها. وبالرغم من أن المهاجرين يشكلون خمس عدد السكان في ألمانيا، إلا أن هناك غياب ملحوظ للوجوه التي تمثلهم على الشاشات التلفزيونية كما يؤكد خبراء الإعلام الألماني.

هذه الظاهرة يلاحظها الصحفيون أيضاً، فالصحفية المستقلة مينو أمير سيهي - ذات الأصل الإيراني- والتي تعمل لصالح القناة الألمانية الأولى (إي.آر.دي) تشعر أن هناك حساسية تجاه ذوي الأصل الأجنبي أياً كانت أصولهم وتقول في هذا الإطار: "لا يهم إن كنت من أصل تركي ويبدو مظهرك مختلف عن الآخرين أو إن كنت بولندياً، لا يكشف مظهرك عن اختلافك، هناك حذر عام من الاتصال بلهجات وثقافات أخرى في ألمانيا. وهذا الأمر ينعكس أيضاً على شاشات التلفاز الألمانية". لا ينعكس هذا الأمر فقط على شاشات التلفاز، لكنه ينعكس في المجال الإعلامي ككل، حيث يشكل الإعلاميون ذوي الأصول المهاجرة 3 بالمائة فقط من الإعلاميين في ألمانيا.

دعوة إلى تعيين إعلاميين من أصول أجنبية

Cherno Jobatey
كيرنو يوباتي صحفي من أسرة مهاجرة ويعتبر من المذيعين القلائل الذين يظهرون على شاشات التلفزة الألمانيةصورة من: picture-alliance/dpa

وفي الوقت الذي يمكن فيه مشاهدة بعض مقدمي البرامج من أصول مهاجرة في القنوات الخاصة مثل قناة ام.تي.في الموسيقية مثلاً، فإن وجودهم في القنوات العامة - الأكثر تأثيراً على الرأي العام الألماني - يعد مقتصراً على موضوعات الاندماج والتعدد الثقافي. لذلك فإن دخول المذيعة دنيا حيالي إلى عالم تقديم الأخبار في قناة (تسد.دي.اف) يعد "قراراً ثورياً" في رأي أمير سيهي، التي تؤكد على رؤيتها بقوله: "إن وجود أشخاص من أصول مهاجرة يقرأون الأخبار أو يقدمون النتائج الرياضية أفضل كثيراً من إظهارهم كمصدر لمشكلة ما أو من عرض صور نمطية غريبة عنهم".

"للإعلام دور عام في إدماج المهاجرين"

وفي هذا الإطار أكد الخبراء في الأعوام الماضية على أهمية دور الإعلام في إدماج المهاجرين في المجتمع الألماني، خاصة الإعلام المرئي واسع الانتشار. ولأن الحكومة الألمانية اهتمت بقضية إدماج المهاجرين في المجتمع الألماني بشكل كبير مؤخراً، فقد حثت الشبكات الإعلامية المختلفة على تعيين عدد أكبر من الصحفيين ومقدمي البرامج التلفزيونية من الأقليات المهاجرة. وفي هذا الإطار، قالت مكلفة الحكومة الألمانية لشئون الهجرة واللجوء والاندماج ماريا بومر، في حديث لصحيفة "سودويتشه تسايتونج" الألمانية: "علينا أن ندعم حضور المهاجرين في التلفاز الألماني. فأنا كثيراً ما أسمع منهم أنهم لا يجدون أنفسهم ممثلين في وسائل الإعلام العامة سواء خلف الكاميرا أو أمامها، وأنه لا يوجد من يعبر عما يعيشونه".

ومن المتوقع أن تظهر نماذج أخرى للمهاجرين العاملين في مجال الإعلام مثل المذيعة حيالي، حيث قال جالتيرو زامبونيني، من قناة (في.دي.ار): "يعد تعيين حيالي إشارة للصحفيين من أصحاب الكفاءات، الذين لم يكن لديهم الثقة الكافية بأنه من الممكن أن يكون تقديم الأخبار في الأوقات الرئيسية في قنوات تلفزيونية هامة متاحاً لشخص يحمل اسماً إيطالياً أو عراقياً". زامبونيني هو شخصياً من أصل إيطالي، وقد عمل طويلاً في المجال الإعلامي في ألمانيا، حتى أصبح أول شخص يكلف بعملية الاندماج في قناة (في.دي.ار) الألمانية العامة والواقعة في مدينة كولونيا.

تأخر ألمانيا مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى

Maria Böhmer, Staatsministerin, Ausländerbeauftragte
ماريا بومر، المكلفة بشئون الهجرة واللجوء والاندماج في الحكومة الألمانيةصورة من: picture-alliance/dpa

وعلى المستوى الأوروبي، تحتل ألمانيا مرتبة متأخرة فيما يتعلق بنجاح إدماج المهاجرين في وسائل الإعلام، ففي بريطانيا مثلاً يعتبر مقدمو البرامج السود والآسيويون من العناصر الأساسية في قناة (بي.بي.سي)، بينما يعتبر المقدم الفرنسي الأسود، هاري روزلماك، المقدم الرئيسي للبرنامج الإخباري الأكثر شعبية في فرنسا. في تلك الدول، عادة ما يأتي المهاجرون من دول كانت مستعمرة في الماضي، لذلك فهم يجيدون اللغة مما يسهل لهم الدخول في المجال الإعلامي.

وبهذا الخصوص أشار زامبونيني إلى أن ألمانيا يمكن أن تقتدي بالتجربة الهولندية، حيث تشارك الأقليات بنسبة محددة في وضع البرامج الإعلامية المختلفة، في إطار قوانين خاصة، وهو ما يؤثر على معايير اختيار الصحفيين العاملين في الوسائل الإعلامية المختلفة بشكل واضح. ويبدو أن الحكومة الألمانية أدركت هذا الأمر، إذ حثت المحطات التلفزيونية المختلفة على إعادة النظر في سياستهم الإعلامية. فعندما تقدمت دنيا حيالي للعمل في القناة الألمانية الثانية (تسد.دي.اف)، كانت تعلم أنهم يهدفون إلى تعيين مقدمة برامج من أصل أجنبي، حيث تقول: "لا أنكر أن كوني من أصل أجنبي ساعدني على الحصول على هذه الوظيفة، لكن في نهاية الأمر شكلت مؤهلاتي العامل الأهم في عملية الاختيار". وهنا ينبغي الإشارة إلى أن المذيعة حياري تملك خبرة إعلامية، حيث عملت من قبل كمقدمة أخبار على شاشة تلفزيون دويتشه فيله.

ولا يأتي هذا التغير في سياسة القنوات في تعيين الصحفيين من خلفيات مهاجرة رداً على دعوة الحكومة فقط، لكنه ينبع أيضاً الضرورة الواقعية للتغير الديموجرافي في ألمانيا، خاصة وأن تلك القنوات العامة تمول بشكل أساسي من الرسوم، التي يدفعها المواطنون الألمان. ووفقا لتحليل زامبونيني، فإن تلك القنوات لن يمكنها الاستمرار في انتهاج خطها الحالي إذا لم تأخذ التغير الواضح في التوزيع السكاني بعين الاعتبار.

قلة الكفاءات الأجنبية

Arabella Kiesbauer
أرابيلا كيسباور مقدمة مشهورة في محطة برو زيبن الألمانية الخاصة، وهي من أصل غير ألمانيصورة من: picture-alliance/dpa

لكن العائق أمام المؤسسات الإعلامية الألمانية يكمن في قلة عدد الصحفيين الأكفاء ذوي الأصول المهاجرة. ويرجع لوتس ميكيل، مدير مؤسسة البحث الإعلامي في مدينة إيسين الألمانية، هذا النقص في عدد الصحفيين إلى قلة المهارة اللغوية والافتقاد إلى بيئة علمية في المنزل وعدم كفاية المستوى التعليمي في أوساط المهاجرين، وهو ما تثبته الدراسة التي قامت بها المنظمة الدولية للتنمية والتعاون الاقتصادي OECD. هذه الدراسة أظهر أن فرص أبناء العائلات المهاجرة في النجاح والتفوق المدرسي في ألمانيا أقل كثيراً من نظرائهم في الدول الصناعية الأخرى.

ويتفق معظم المراقبين الإعلاميين على أن الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتعزيز وجود الإعلاميين ذوي الأصول المهاجرة على الساحة الإعلامية الألمانية تكمن في تعزيز التعاون بين السياسيين والمؤسسات الإعلامية ومدارس الإعلام. فعن طريق تقويم عيوب النظام التعليمي وتدريب البراعم الإعلامية من المهاجرين يمكن أن تُمثل الأقليات في المجال الإعلامي بشكل أفضل على المدى البعيد. ومن منظر مينو أمير سيهي، تحتاج ألمانيا إلى أكثر من مجرد تعيين بعض الصحفيين الأجانب وتقول: "عندما يصبح هناك مقدم برامج أسود البشرة يغطي جلسات البرلمان الألماني، عندها فقط يمكننا القول بأن ألمانيا تقبلت وضعها الحالي كدولة هجرة".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد